- «إنّما يتكلّف الخطبة، إمّا [1] من لا يجد بدّا منها، وإمّا أحمق يهمر [2] رأسه، لا يبالى ما خرج منه، ولست بواحد منهما، وقد علم من عرفني أنّى بصير بالفرص، وثّاب عليها، وقّاف عند المهالك، أنفذ بالسريّة، وأقسم بالسويّة. أنشدكم بالله، من كان يعرف ذلك منّى، لمّا صدّقنى.» فقال أصحابه حول المنبر:
- «صدقت.» فقال: «يا أمير المؤمنين، [إنّك ممّن] [3] نشدتك، قل ما تعلم!» فقال: «صدقت.» [49]
قدم زياد الكوفة من عند معاوية، ونزل فى دار سلمى بن ربيعة الباهلىّ ينتظر أمر معاوية، أن يجيبه إمرته على الكوفة. فبلغ المغيرة بن شعبة- وهو أمير على الكوفة- أنّ زيادا ينتظر الإمرة. فدعا قطن بن عبد الله الحارثىّ، فقال:
- «هل فيك من خير: تكفيني المؤونة حتّى آتيك من عند أمير المؤمنين؟» قال: «ما أنا بصاحب ذا.» فدعا عتيبة بن نهّاس [4] ، فعرض عليه ذلك، فقبل.
فخرج المغيرة، فلمّا قدم على معاوية، سأله أن يعزله، وأن يقطع له منازل بقرقيسا بين ظهري قيس. فلمّا سمع معاوية ذلك، خاف بائقته، وقال:
- «والله، لترجعنّ إلى عملك يا با عبد الله.»