وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفّق الله بينهما [1] ، فكيف بأمّه محمد، صلّى الله عليه؟» فقالت الخوارج: «أمّا ما جعل حكمه إلى الناس وأمرهم بالنظر فيه والإصلاح له، فهو إليكم كما أمر به، وأمّا ما حكم فأمضاه، فليس للعباد أن ينظروا فيه، حكم في الزاني مائة جلدة، وفي السارق بقطع يده، وليس لأمثال هذا أن ينظر فيه مخلوق.» قال ابن عباس: «فإنّ الله يقول: يحكم به ذوا عدل منكم. [2] » فقالوا له: «أو تجعل الحكم في الصيد والحدث يكون بين المرأة وزوجها، كالحكم في دماء المسلمين؟» وقالت الخوارج: «قلنا له، فهذه الآية بيننا وبينك. أعدل عندك ابن العاص، وهو يقاتلنا، ويسفك دماءنا؟ فإن كان عدلا فلسنا عدلا، وقد حكّمتم في أمر الله الرجال، وقد أمضى الله حكمه في معاوية وحزبه أن يقتلوا. ثم كتبتم بينكم وبينهم كتابا جعلتم نيّتكم الموادعة والاستفاضة، وقد قطع الله تعالى الاستفاضة [28] والموادعة بين المسلمين وأهل الحرب، إلّا من أقرّ بالجزية.» ثم خرج علىّ حتى انتهى إليهم وهم يخاصمون ابن عباس، فقال:
- «انته عن كلامهم! ألم أنهك- رحمك الله؟» ثم تكلّم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
- «اللهمّ، إنّ هذا مقام، من فلج [3] فيه، كان أولى بالفلج [4] يوم القيامة، ومن