وكان والله كما قال، وقلّ ما وزن رأيه برأى رجل إلّا رجح به.

مالك يأبى أن يخطّ اسمه في صحيفة التحكيم

وكتب الكتاب [1] ، وشهد فيه نفر من أصحاب علىّ ونفر من أصحاب معاوية.

ودعى له الأشتر، فقال:

- «لا صحبتني يميني، ولا نفعتني شمالي إن خطّ لى في هذه الصحيفة اسم على صلح، ولا موادعة. [16] أو لست على بيّنة من أمرى، ومن ضلال عدوّى؟

أولستم قد رأيتم الظفر، لو لم تجمعوا على الجور؟» فقال له الأشعث بن قيس:

- «إنك والله ما رأيت ظفرا، ولا جورا. هلمّ بك إلينا، فإنّه لا رغبة لك عنّا.» فقال: «بلى والله، الرغبة لى [2] عنك في الدنيا للدنيا، وفي الآخرة للآخرة. ولقد سفك الله بيدي دماء رجال ما أنت عندي خير منهم، ولا أحرم دما.» قال عمارة:

فنظرت إلى ذلك الرجل، وكأنما قصع على أنفه الحمم- يعنى الأشعث.

ثم خرج الأشعث بالكتاب يقرأه على الناس ويعرضه عليهم، حتى مرّ به عروة بن أذيّه [3]- وهو أخو بلال [4]- فقرأه عليهم.

فقال عروة: «تحكمون في أمر الله الرجال؟ لا حكم إلّا لله.» وشدّ بسيفه، فضرب عجز دابته ضربة خفيفة، واندفعت الدابة. فصاح به أصحابه: أن املك يديك. فرجع، وغضب للأشعث أصحابه وقومه. فمشى إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015