وكان علىّ يراسل الأشتر ويرفده، وكان الأشتر [7] تولّى القتال عشيّة الخميس وليلة الجمعة كلّها ويوم الجمعة إلى ارتفاع النهار، وقد كلّ الناس، وأخذ يقول لأصحابه:
- «ازحفوا قيد هذا الرمح.» وزحف بهم نحو أهل الشام. فإذا فعلوا، قال:
- «ازحفوا قاب [1] هذا القوس.» فإذا فعلوا، سألهم مثل ذلك، حتى ملّ الناس الإقدام.
فلما رأى الأشتر ذلك، قال:
- «أعيذكم بالله أن ترضعوا الغنم سائر اليوم.» ثم دعا بفرسه، وترك رايته مع حيّان بن هوذة [2] ، وخرج يسير في الكتائب ويقول:
- «من يشرى نفسه لله ويقاتل مع الأشتر، حتى يظهر، أو يلحق بالله؟» فلا يزال [3] رجل من [4] الناس قد خرج إليه وحيّان بن هوذة واقف بالراية، فلما اجتمع إليه ناس كثير، أقبل حتى رجع إلى المكان الذي كان فيه من الميمنة.
ثم قال لأصحابه:
- «شدّة- فدى لكم عمّى وخالي- ترضون بها الربّ، وتعزّون بها الدين، إذا شددت، فشدّوا.»