كان عضد الدولة أمرنى أن أصير مع خواشاذه [1] الى هذه القلعة وأحضر إحصاء ما فيها ثم أتسلّم طاشتم مقيدا وأحمله على بغل بإكاف مجردا لا وطاء عليه ومعه أصحابه الذين قيدوه وسلّموا القلعة بالخلع والدواب والمراكب التي حملوا عليها وبين أيديهم البدر والثياب التي حبوا بها ثم أطوف به تحت القلاع الممتنعة التي لم تفتح بعد لينظر من فيها إلى حال طاشتم فيحذروا مثلها ويروا أحوال الباقين فيطمعوا فى مثلها [497] ففعلت ذلك وتحملت رسائل إلى أصحاب تلك القلاع.
وجرت أحوال يطول شرحها إلّا أنّ جملتها أنّ القوم لما نظروا إلى هيئة طاشتم وأصحابه دخلهم الرعب من جانب وتجددت لهم الرغبة من جانب، وكانوا قبل ذلك لا يصدقون الرسل بأنّ هذه القلعة التي كان فيها طاشتم فتحت. فلمّا رأوه عيانا وخاطبوه عرفوا وهاء أمر أبى تغلب وقوة عضد الدولة وسلّموا القلاع بعد مدة.
ورأيت أنا من طاشتم هذا فى طريقي حصافة وإقبالا على الصلوات ودعاء كثيرا وقد كان أومن على روحه فقط فسألنى فى الطريق المعونة وحسن المحضر عند عضد الدولة. فلما عدنا [2] إلى الموصل وفرغنا من استقراء القلاع على ما وصفت نبت عن طاشتم هذا بحضرة عضد الدولة [3] وعرّفته سداده وأنّه يصلح لخدمته فقال:
- «هو كما تقول ولكن السياسة لا توجب اصطناعه.»