وطال الخطب بينه وبين معزّ الدولة فلم يتمّ الصلح. فلمّا رأى عمرو الصورة استأمن إلى معزّ الدولة وأقام بحضرته ولم يعد إلى ناصر الدولة.
ثم ترددت رسائل بين معزّ الدولة وبين سيف الدولة وتوسّط بين أخيه وبينه حتى تقرر ما بينهما ورجع معزّ الدولة من نصيبين قاصدا الموصل.
لمّا صار معزّ الدولة بين المونسية وآذرمه [1] فى اليوم الخامس عشر من شباط هبّت ريح باردة [229] مغربية ووقع دمق [2] فتلف فى ساعات يسيرة من النهار عدد عظيم من عسكره ولحق معزّ الدولة غشية وكاد يتلف من كثرة ما عليه من الوبر والخزّ.
فقلع أهل العسكر سقوف آذرمه وأبوابها وأوقدوها فأطلق معزّ الدولة لأهلها ثلاثة آلاف درهم ليبتاعوا بها مكان ما أخذ من أنقاضها.
دبّر معزّ الدولة عند فراغه من حرب روزبهان أن يطرد الديلم الروزبهانيّة ويمسك من لم يفارقه منهم وإن كانوا متهمين عنده وكان وعدهم للعشرة ثلاثة فى أصول أموالهم وظنّ أنّه إن وفى للكلّ لم يتّسع له مع أنّ الفتح للأتراك وكان مائلا إليهم بالهوى قبل الاستحقاق فكيف بعد هذا الأثر العظيم! فابتدأ يجازى الأتراك بالإحسان فقوّد منهم جماعة واستحجب جماعة