فقلت: «مائة ألف درهم.» فقال: «غفر الله لك معى خمسون ألف دينار لا أحتاج إليها.» قال: فقلت له:
- «أنت أعلم وما تختار.» قال: فلمّا هرب ابن رائق وملك بجكم قال لى يوما:
- «أتذكر وقد قلت لك إنّ المال معى كثير وظننت أنّه [3] مائة ألف درهم فعرّفتك أنّه خمسون ألف دينار؟» فقلت: «نعم.» قال: «أفتدري كم كان بالحقيقة معى؟» قلت: «لا.» قال: «خمسين ألف درهم.» قلت: «هذا يدلّ على أنك لم تثق بى ولم تصدقني.» قال: «لا ولكنّك صاحبي ورسولي فكرهت أن تعلم صحته فى القلّة فيضعف قلبك وإذا ضعف قلبك ضعف كلامك فيطمع ذلك فىّ خصمي وأردت أن تمضى إليه بقلب قوىّ فتخاطبه بما ينخب قلبه ويضعف نفسه.» وفى هذه السنة تغلّب اللشكرى [1] بن مردى على أذربيجان وهذا غير اللشكرى الذي تقدّم خبره، وكان أوجه من ذاك وأكبر مرتبة وكان من أصحاب وشمكير وخليفته على أعمال الجبل. فجمع مالا كثيرا ورجلا وخلّف صاحبه وسار إلى أذربيجان ليستولى عليها. وكان بها يومئذ ديسم بن إبراهيم فجمع ديسم عسكرا كثيرا من الأكراد وأصناف أخر وأحرز سواده فى بعض الجهات وأقبل إلى اللشكرى فواقعه دفعتين فى مدّة شهرين وانهزم