إقدام محمّد بن خلف وتهوّره [1] فأمّا أبو عبد الله البريدي [393] فإنّه دارى محمّد بن خلف ورفق به وأوهمه أنّه يعمل من قبله ويقوم بمال النواحي وبالزيادة التي بذلها وأن يطيعه فى المال كلّه ويعمل بما يأمره فيه ولا يخالفه فرفّهه من بين الجماعة وأوقع بأخويه وعلّق عليهما الجرار المملوءة ودهقهما [2] فلم يذعنا بشيء وضيّق على إسحاق بن إسماعيل ولم يوقع به مكروها.
وكانت بين أبى جعفر ابن شيرزاد وبين إسحاق بن إسماعيل مودّة وكيدة فخاطب أبو جعفر الوزير أبا علىّ فى لقاء إسحاق وقال:
- «أحتاج أن أواقفه على ما سبّب لصاحبي هارون بن غريب عليه فى أيّام المقتدر وما أطلقه حتّى لا يحيل علىّ بما لم يطلقه.» فوجّه معه بحاجب من حجّاب الوزارة فأوصله إلى إسحاق فلمّا وقعت عين إسحاق عليه قال له:
- «يا سيدي الله الله فى أمرى بادر إلى الأستاذ المظفّر ولا تفارقه حتّى يخلصني من يد هذا المجنون.» فمضى أبو جعفر إلى مونس ولم يزل يسأله حتّى دعا يلبق وأمره أن يمضى إلى أبى على ابن مقلة ويخاطبه فى أمره فإن أطلقه وإلّا انتزعه من يد محمّد بن خلف وحمله إليه. فمضى يلبق إلى ابن مقلة فخاطبه فلم يجد ابن مقلة بدّا من الاستجابة لتقريب أمر إسحاق.
فحكى أبو الفرج ابن أبى هشام عن أبى سعيد ابن قديدة أنّ السبب فيما لحقهم عتب أبى بكر ابن قرابة [394] عليهم لتأخيرهم مالا كان له عليهم وهو الذي قدّمه عنهم فتقاعدوا عن الوفاء له فعاهد محمّد بن خلف يوم