وكتب علىّ بن عيسى هذا الكتاب مقدّرا أن يتخلّص به محمّد بن عبدون من القتل، ويسلم هو. فوقاه [1] الله فى نفسه بجميل نيّته، وحضر أجل محمّد بن عبدون، فلم ينفعه اجتهاد علىّ بن عيسى فى خلاصه.
ولمّا استقرّ أمر المقتدر بالله فى الخلافة فوّض الأمور إلى أبى الحسن ابن الفرات فدبّرها أبو الحسن كما يدبّرها الخلفاء. وتفرّد المقتدر على لذاته متوفّرا واحتشم الرجال واطّرح الجلساء والمغنين وعاشر النساء فغلب على الدولة الحرم والخدم فما زال أبو الحسن ينفق الأموال من بيت مال الخاصّة ويبذّر تبذيرا مفرطا إلى أن أتلفها.
ومن محاسن ابن الفرات أنّه افتتح أمره بإخراج أمر المقتدر بمكاتبة العمّال فى جميع النواحي بإفاضة العدل فى الرعيّة وإزالة الرسوم الجائرة عنهم وإخراج أمره لجماعة [73] بنى هاشم بجار [2] ثمّ أخرج أمره بزيادة جميعهم ثمّ أخرج أمره بالصفح عن جميع من كان خرج عن طاعته ووالى ابن المعتزّ وإلحاقهم فى الصلة بمن لم تكن له جناية وتلطّف فى أمر الحسين بن حمدان وإبراهيم بن كيغلغ حتّى رضى المقتدر عنهما وقلّدهما الأعمال وفعل ذلك بابن عمرويه.
إنّه عرّف المقتدر بالله أنّه متى عاقب جميع من دخل فى أمر ابن المعتزّ