ثمّ أغمى عليه وتفرّق من حضره.
قال جبرائيل: فلمّا أفاق، ذكر تلك الرؤيا فوثب متحاملا يقوم ويسقط فاستمعنا إليه، كلّ يقول:
- «يا سيّدى ما حالك وما دهاك؟» وليس يخطر لأحد منّا تلك الرؤيا ببال فقال:
- «يا جبرائيل تذكر رؤياى بالرقّة فى طوس؟ [17] هذه طوس، وأحسبها تلك التربة.» ثمّ رفع رأسه إلى مسرور فقال:
- «جئني من تربة هذا البستان.» فمضى مسرور فأتى بالتربة فى كفّه حاسرا عن ذراعه. فلمّا نظر إليه قال:
- «هذه والله الذراع التي رأيتها فى منامي وهذه والله الكفّ بعينها وهذه والله التربة الحمراء ما حرمت [1] شيئا.» وأقبل على البكاء والنحيب. ثمّ مات بعد ثالثة، ودفن فى ذلك البستان.
وتحدّث سهل بن صاعد قال: كنت عند الرشيد فى اليوم الذي قبض فيه، مع خواصّه، وجعل يجود بنفسه ويقاسى كرب الموت، فدعا بملحفة فاحتبى بها، فنهضت فقال لى:
- «أقعد يا سهل.» فقعدت، وجعل لا يكلّمني والملحفة تنحلّ فيعيد الاحتباء بها. فلمّا طال جلوسي نهضت فقال:
- «إلى أين يا سهل؟» فقلت: «يا أمير المؤمنين ما يتسع قلبي أن أراك تعانى، من العلّة ما تعانى