قلت: «رأيت الرجل يهزل إذا جددت، ويجدّ إذا هزلت.» قال: «كذا هو، فانصرف يا حبيبي.» فانصرفت.
لمّا انصرف الرشيد من مكّة فوافى الحيرة فى المحرّم سنة سبع وثمانين، أقام فى قصر عون العبادىّ أيّاما، ثمّ شخص فى السفن حتّى نزل العمر [1] الذي بناحية الأنبار، فلمّا كانت ليلة السبت لانسلاخ المحرّم أرسل مسرورا الخادم فى جماعة من خواصّه وقال:
- «اذهب فأتنى بجعفر وانظر ألّا يحسّ حتّى تقيّده [570] أولا ثمّ تأتينى برأسه.» قال مسرور: فأتيته وعنده أبو زكّار الأعمى المغنّى وهو فى لهوه ويغنّيه أبو زكّار:
فلا تبعد فكلّ فتى سيأتي ... عليه الموت يطرق أو يغادى [2]
قال: فقلت له:
- «يا با الفضل، الذي جئت له من ذلك قد والله طرقك فأجب أمير المؤمنين.» قال: فرفع يديه، ثمّ وقع على رجلىّ فقبّلهما وقال: