المقادير [1] التي أزعجتنى فأعلم أنّها كانت بمعاص لحقتني وخطايا قد أحاطت بى، ولو طال مقامي عنك يا أمير المؤمنين لخفت أن يذهب عقلي إشفاقا على قربك، وأسفا على فراقك، وأن يعجل بى عن إذنك الاشتياق إلى رؤيتك.
فالحمد لله الذي عصمنى فى حال الغيبة، وأمتعنى بالعافية، ومسكنى بالطاعة وحال بيني وبين استعمال المعصية، ولم أشخص إلّا عن رأيك ولم أقدم إلّا عن إذنك ولم يخترمنى أجلى دونك، والله يا أمير المؤمنين، فلا أعظم من اليمين بالله، لقد عاينت ما لو تعرض لى الدنيا كلها، لاخترت قربك ولما رأيتها عوضا من المقام معك.» ثمّ أثنى عليه [558] ثناء طويلا.
ثمّ ولّى الرشيد جعفرا خراسان وسجستان، فاستعمل جعفر عليها محمّد بن الحسن بن قحطبة.
ولم يجر فيهما على ما بلغنا ما يليق ذكره بهذا الكتاب.
وفيها كان خروج ملك الخزر من باب الأبواب وإيقاعهم بالمسلمين هنالك وأهل الذمّة وسبيهم أكثر من مائة ألف فانتهكوا أمرا عظيما لم يسمع فى الأرض بمثله [2] .