بحربة. فاجتنبه الناس وتركوه، فلم يكن يجترئ أحد أن يسلّم عليه ولا يقربه.

وكان يحيى بن خالد يقوم بأنزال [1] الرشيد وينزل منه منزلة الوالد ويسّميه أبى. فكان يشير عليه بأن يدافع ولا يستجيب للخلع. فسعى بيحيى إلى الهادي، وقيل له: إنّه ليس عليك من هارون [521] خلاف، وإنّما يفسده يحيى، فابعث إليه وتهدّده بالقتل وارمه بالكفر. فبعث الهادي إلى يحيى ليلا، فيئس من نفسه، وودّع أهله وتحنّط وجدّد ثيابه ولم يشكّ أنّه يقتله. فلمّا أدخل عليه قال:

- «يا يحيى ما لي ولك؟» قال: «أنا عبدك يا أمير المؤمنين، فما يكون من العبد إلى مولاه إلّا طاعته!» قال: «لم تدخل بيني وبين أخى وتفسده علىّ؟» قال: «يا أمير المؤمنين، من أنا حتّى أدخل بينكما، إنّما صيّرنى المهدىّ معه وأمرنى بالقيام بأمره، ثمّ أمرتنى بذلك، فانتهيت إلى أمرك.» قال: «فما الذي صنع هارون؟» قال: «ما صنع شيئا ولا عنده شيء.» فسكن غضبه.

وقد كان هارون طاب نفسا بالخلع. فقال له يحيى:

- «لا تفعل.» قال هارون: «أليس تترك لى الهنيئة والمريئة فهما يسعاننى وأعيش. [2] فقال يحيى:

- «وأين الهنيئة والمريئة من الخلافة، ولعلّك الا [3] يترك هذا فى يدك.» وكان يحيى ينادم الهادي بعد ذلك، فكلّمه الهادي فى أمر الرشيد وخلعه، فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015