يوهن أمر خازم، ويخرج الكتب إلى خازم وغيره من القوّاد بالأمر والنهى.
فاعتلّ خازم وهو فى عسكره يشرب الدواء، ثمّ ركب البريد حتّى قدم على المهدىّ، وأبو عبيد الله يظنّه فى المعسكر ولا يعرف خبره. فلمّا قدم خازم نيسابور ودخل على المهدىّ، استخلاه، فدخل أبو عبيد الله، فأمسك خازم فقال المهدىّ:
- «لا عيق [1] عليك من معاوية، فقل ما بدا لك.» فأبى خازم أن يخبره أو يكلّمه، حتّى قام أبو عبيد الله. فلمّا خلا به شكا إليه [2] أبا عبيد الله معاوية وأخبره بعصبيته وتحامله وما كانت ترد من كتبه عليه وعلى من قبله من القوّاد، وما صاروا إليه بذلك من الفساد والتأمّر بأنفسهم والاستبداد بآرائهم وقلّة السمع والطاعة، وأنّ أمر الحرب لا يستقيم إلّا برأس ولا يكون [470] فى عسكره لواء يخفق على رأس أحد إلّا لواؤه أو لواء هو عقده. وأعلمه أنّه غير راجع إلى قتال استادسيس [3] إلّا بتفويض الأمر إليه وإعفائه من معاوية أبى عبيد الله، وأن يسمع منه أو يداخله فيما يدبّره، وأن يكتب إليهم بالسمع والطاعة له.
فأجابه المهدىّ إلى كلّ ما سأل، فانصرف خازم إلى عسكره، فعمل برأيه وحلّ لواء من رأى حلّ لوائه من القوّاد، وعقد لمن أراد، وضمّ إليه من كان انهزم من الجند وجعلهم حشوا يكثّر بهم من معه فى أخريات الناس، ولم يقدّ