- «تزحزح عن باب الدّير حتّى نخرج إليك.» فتنحّى وخرجوا. فلمّا رأى كثرتهم وهو فى سبعين، جعل من أصحابه ميمنة وميسرة، ثمّ أقبل على أعدائه، فقال:

- «أكلّكم يرجو أن يقتلنا ويسلم فيأتى أهله سالما؟» قالوا:

- «نعم، إنّا نرجو ذلك، إن شاء الله.» فشدّ على رجل عظيم من عظمائهم فقتله، وقال:

- «أمّا هذا، فلا يأتى أهله أبدا.» ولم يزل هذا ديدنه حتّى قتل ستّة، فانهزموا ودخلوا الدّير، وحاصرهم حتّى جاءتهم الأمداد، وكانوا عشرين ألفا.

فقال له أصحابه:

- «ألا نعقر دوابّنا ثمّ نشدّ عليهم شدّة واحدة؟» فقال:

- «لا، حتّى نبلى [1] عذرا ما استمسكنا على دوابّنا.» فقاتلوهم عامّة نهارهم حتّى فشا فيهم القتل والجراح.

ثمّ إنّ بهلولا نزل هو وأصحابه، فعقروا دوابّهم وترجّلوا لهم، وأصلتوا السّيوف [2] وقتل عامة أصحاب البهلول، وهو يقاتل ويذود عن أصحابه، إلى أن حمل عليه رجل يكنّى أبا الموت، فصرعه، فارتثّه من بقي من أصحابه، وقالوا له:

- «ولّ أمرنا من بعدك من يقوم به.» فقال:

- «إن هلكت، فأمير المؤمنين دعامة الشّيبانى.» ومات البهلول [112] فى ليلته، وهرب دعامة قبل الصّبح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015