وفى هذه السّنة، عزل عمر بن هبيرة سعيد بن عمرو الحرشىّ عن خراسان، وولّاها مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي.
كان عمر بن هبيرة وجد [1] على الحرشىّ فى أشياء. أحدها أنّه قد كان كتب إليه بتخلية ديوشتى، فقتله، وكتب أمانا لدهقان بن ماخر، فصلبه، وكان يستخفّ بأمر ابن هبيرة، وإذا ورد عليه له رسول قال له: كيف «أبو المثنّى» ، ويقول لكاتبه: «أكتب إلى أبى المثنّى» ولا يقول: «الأمير.» فبلغ ذلك ابن هبيرة، فدعا جميل بن حمران، وقال له:
- «قد بلغني أشياء عن الحرشىّ، فأخرج إلى خراسان، وأظهر أنّك قدمت تنظر فى الدّواوين، واعلم لى علمه.» فقدم جميل، فقال له الحرشىّ:
- «كيف تركت أبا المثنّى؟» وجعل جميل ينظر فى الدّواوين. فقيل للحرشىّ:
- «إنّ جميلا [11] ما قدم للنّظر فى الدّواوين، وما قدم إلّا ليعلم علمك.» فدسّ إليه طعاما مسموما، فأكله ومرض، وتساقط شعره، وبادر بالخروج إلى هبيرة، فعولج واستبلّ وصحّ، فقال لابن هبيرة:
- «الأمر أعظم ممّا بلغك، ما يرى سعيد إلّا أنّك بعض عمّاله.» فغضب وعزله وعذّبه، حتّى نفخ [2] فى بطنه النّمل.