- «إنّا لله، انهزمنا بالناس وهذا جزاؤنا.» فما هو إلّا أن فرغ منهم جاء رسول [575] مسلمة بكتابه فيه النهى عن قتل الأسرى وإطلاقهم. وكان مسلمة ضمن لهم ضمانات وواطأهم إذا رأوا دخان الحريق من الجسر أن ينهزموا بالناس. ففعلوا، ثمّ قتلوا.
ولمّا جاء فلّ يزيد إلى واسط أخرج معاوية بن يزيد بن المهلّب اثنين وثلاثين أسيرا كانوا فى يديه، فضرب أعناقهم. منهم: عدىّ بن أرطاة، وابنه محمّد بن عدىّ ومالك وعبد الملك ابنا مسمع وغيرهم من الأشراف. وكانوا قالوا له:
- «ويحك! إنّا لا نراك [1] تقتلنا إلّا أنّ أباك قد قتل، وأنّ قتلنا ليس بنافعك فى الدنيا وهو والله ضارّك فى الآخرة.» فقتلهم كلّهم إلّا ربيع بن زياد بن ربيع بن أنس. فقال له قوم:
- «نسيته.» فقال:
- «ما نسيته ولكن لم أكن لأقتله وهو شيخ من قومي له شرف ومعروف، ولست أتّهمه فى ودّ، ولا أخاف بغيه.» ورثى الشعراء يزيد وإخوته المقتولين فأكثروا.
وأقبل معاوية بن يزيد حتّى أتى البصرة معه المال والخزائن. وجاء المفضّل، فاجتمع إليه جميع آل المهلّب بالبصرة، وقد كانوا أعدّوا السفن البحريّة وتجهزوا بكلّ الجهاز، لأنّهم كانوا يتخوّفون [576] ما كان، وقد كان يزيد بن المهلّب بعث وداع بن حميد الأزدىّ على قندابيل [2] أميرا، فقال له:
- «إنّى قد اخترتك من بين قومي لأهل بيتي، فكن عند حسن ظنّى بك.» وأخذ عليه أيمانا غلاظا، وقال: