قال يزيد:
- «ويحكم! أتصدّقون بنى أميّة أن يعملوا بالكتاب والسنّة وقد ضيّعوا [1] ذلك مذ كانوا! إنّهم لم يقولوا لكم إنّا نقبل منكم، وهم يريدون ألّا يعملوا فى سلطانهم [569] إنّما [2] تأمرونهم وتدعونهم إليه، ولكنّهم أرادوا أن يكفّوهم عنهم حتّى يعملوا فى المكر، فلا يسبقوكم إلى تلك، أبدأوهم بها! إنّى لقيت بنى مروان، فو الله ما لقيت منهم رجلا هو أشدّ تمرّدا ولا أبعد غورا من هذه الجرادة الصفراء.» يعنى: مسلمة. قالوا:
- «لا نرى أن نفعل ذلك حتّى يردّوا علينا ما زعموا أنّهم قابلوه منّا.» وكان مروان بن المهلّب وهو بالبصرة يحثّ الناس على حرب أهل الشام ويسرّح الناس إلى يزيد.
وكان الحسن البصري يثبّط الناس عن يزيد بن المهلّب ويخطب أصحابه بما يقعدهم [3] . فلمّا بلغ ذلك مروان بن المهلّب، قام خطيبا كما كان يقوم، فأمر الناس بالجدّ والاجتهاد والاحتشاد، وقال:
- «لقد بلغني أنّ هذا الشيخ الضالّ المرائى- ولم يسمّه- يثبّط عنّا الناس. والله، لو أنّ جاره نزع من خصّ [4] داره قصبة لظلّ يرعف أنفه، وينكر علينا وعلى أهل مصرنا أن نطلب حقّنا وأن ننكر مظلمتنا! أما والله، ليكفّنّ عن ذكرنا، أو عن جمعه سقّاط الأبلّة وعلوج فرات البصرة، [570] أو لأنحينّ [5] عليه مبردا خشنا.
فلمّا بلغ ذلك الحسن قال: