فى تلك الحظائر إلّا ما لا يذكر، حمل [فى] ليلة واحدة، وأصبح إليون محاربا وقد خدعه خديعة لو كان امرأة لعيب [بها] [1] . فلقى الجند ما لم يلق جند قطّ، حتّى إن كان الرجل ليخاف أن يخرج من عسكره وحده. وأكلوا الدوابّ والجلود وأصول الشجر والعروق [و] الورق، وكلّ شيء حتّى الروث، وسليمان مقيم بدابق ونزل الشتاء، فلم يقدر [على] أن يمدّهم حتّى هلك سليمان.
فأمّا يزيد بن المهلّب فإنّه أقام ثلاثة أشهر، وكان سليمان بن عبد الملك كلّما افتتح قتيبة فتحا قال ليزيد بن المهلّب:
- «أما ترى ما صنع الله على يدي قتيبة؟» فيقول له يزيد بن المهلّب:
- «ما فعلت جرجان [التي] حالت بين الناس والطريق الأعظم وأفسدت قومس وأبر شهر.» ويقول:
- «هذه الفتوح ليست بشيء فى جرجان.» وكذلك كانت حال جرجان، لأنّ سعيد بن العاص [527] كان صالح أهل جرجان. ثمّ إنّهم امتنعوا وكفروا، ولم يأتهم أحد بعد سعيد، ومنعوا ذلك الطريق.
فلم يكن يسلك طريق خراسان من ناحيته إلّا بوجل وخوف. كان الطريق من فارس إلى كرمان، فأوّل من صيّر الطريق من قومس قتيبة بن مسلم. ثمّ غزا مصقلة خراسان فى أيّام معاوية فى عشرة آلاف، فأصيب هو وجنده بالرّويان، فهلكوا فى واد من أوديتها، أخذ العدوّ عليهم بمضائقه، فقتلوا جميعا، فهو يسمّى:
وادي مصقلة، وكان يضرب به المثل: «حتّى يرجع مصقلة من خراسان» .