ولما أجاب أبو علي عن أسئلة أبي الريحان اعترض على تلك الأجوبة أبو الريحان وتفوه بكلمات متضمنة سوء أدب وسفاهة فامتنع أبو علي عن مناظرته، فأجاب المعصومي عن اعتراضات أبي الريحان وقال: لو اخترت يا أبا الريحان لمخاطبة الحكيم ألفاظاً غير تلك الألفاظ لكان أليق بالعقل والعلم.

وصنف المعصومي كتاباً في المفارقات، وأعداد العقول والأفلاك وترتيب المبدعات. وكانت في الخزانة النظامية بنيسابور منها نسخة فأخذها جمال الملك بن نظام الملك، ولا ندري أطارت بها العنقاء، أم أدركها الفناء. وكان هذا الكتاب معشوق كافة الحكماء، وكان أبو علي يقول للمعصومي: هو مني بمنزلة أرسطو من أفلاطن. ورأيت رسالة في عالمية الله تعالى إلى المعصومي، ولم يتحقق لي أنها له أو لغيره، والغالب على ظني أنها له، والله أعلم.

ومن كلماته قوله: ليس لمتكبر مادح، ولا لغدار حبيب، ولا لملك ظالم استقامة ملك. السلطان والمتمول والشاب (سكارى) يدعوهم سكرهم إلى غير المنافع.

العلماء إذا اجتمعوا طالع بعضهم بعضاً، وعرف بعضهم فضيلة بعض، والجهال لو اجتمعوا طول أعمارهم لما عرف بعضهم (جهالة) بعض، العجلة شجرة لا تجتني منها إلا ثمار الندامة، وطلعها يشبه رؤوس الشياطين.

دأب الحكيم التروية في الجواب بعد استيعاب الفهم.

ليس بإنسان من تكلم بغير روية سابقة.

أبو الحسن الأنباري الحكيم

كان حكيماً، والغالب عليه علم الهندسة، وكان الحكيم عمر الخيام يستفيد منه وهو يقرر له المجسطي، فقال بعض الفقهاء يوماً للأنباري ما تدرس؟ فقال أفسر آية من كتاب الله تعالى، فقال الفقيه: وما تلك الآية؟ فقال الأنباري قول الله تعالى أو لم يروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها، فأنا أفسر كيفية بنائها.

ونقل عنه قوله: الساعي غاش وإن قال قول النصيح.

إذا هممت بشر فسوف الصدق يقبله منك العدو، والكذب ترده عليك نفسك كن للهوينا عند النوازل تاركاً، وكن لأعدائك من الشهوانية والغضبية غلوباً وكن للصدق مؤثراً حتى يصدق فكرك ورؤياك، وتسلم من غوائل الكذب.

الأديب الحكيم إسماعيل الهروي

كان حكيماً أديباً فاضلاً (له) أشعار وتصانيف في الحكمة. وكان يدرس كتب أبي نصر، ولا يخوض في تصانيف أبي علي، وله تلامذة حكماء فضلاء يأتي ذكرهم.

ونازعه يوماً خطيب هراة وقال: أنا أدعو عليك بين الخطبتين. فقال له الأديب: تيقنت أن الله تعالى لم يستجب دعاءك، لأنك تقول كل جمعة في مدة عمرك، اللهم أصلح الأمير فلان بن فلان، والله تعالى ما أصلحه، وما استجاب دعاءك فيه.

ومن كلماته الحكمية: الموت هو الفطام الثاني إن أضعت عقلك فقد استخدمك عدوك الهوية تعرف حقيقتها بالحد، ويدرك ذوقها بتزكية النفس.

الحكيم ميمون بن الجيب الواسطي

كان طبيباً فاضلاً حكيماً، وسمعت أنه كان يحفظ المنطق والطبيعيات والإلهيات من كتاب الشفاء. وقلما يخالط أرباب الجاه والمال. وكان شرف الدين ظهير الملك علي بن حسن البيهقي (عامل) هراة مدة، ويشتاق إلى محاورة الحكيم ميمون، وميمون عزيز النفس قليل الإختلاف إلى أولياء السلطان، فإذا مرض الظهير، أو مرض واحد من أولاده، أنزل ظهير الملك الأتراك في دار ميمون، حتى أزعجوه وصيروه مضطراً إلى رفع الحال إلى العامل، فعند ذلك يرتبطه ظهير الملك حتى يعالج مرضه، ويجاوره ويجالسه مدة.

ومن حكم ميمون قوله: إن نلت حاجة برأي خطأ فلا يشجعنك ذلك على معاودة الخطأ تارة (أخرى) العاقل من إذا نزل عليه بلاء لم يدهشه عن طلب الحيلة، وهذا هو الحزم، والعاجز هو الذي يدهش في البديهة ولا يعد لما لم يأت عدة.

لا ينفع القول، وإن كان حكمة وصواباً، مع سوء الإستماع. وسمعت أن ميمون بن النجيب كان واسطي الأصل، خوزي المولد، مقيماً بهراة.

الحكيم أبو الفتح كوشك

كان حكيماً صاحب حكيماً (وهو) صاحب خاطر قوي، ورأيت كتبه في خزانة السلطان الأعظم سنجر، وكان السلطان مشغوفاً بكتبه، بسبب حسن اعتقاده فيه، وكان أبو الفتح عارفاً بأجزاء علوم الحكمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015