الْمُؤمن قَالَ سُبْحَانَهُ {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن} فَقيل إِنَّه مُشْتَقّ من الْإِيمَان وَقيل بل هُوَ مَأْخُوذ من الْأمان فَمن قَالَ إِنَّه اشتق من الْإِيمَان فَلِأَنَّهُ صدق نَفسه فَقَالَ {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قيلا} وَمن قَالَ إِنَّه مَأْخُوذ من الْأمان فَلِأَنَّهُ من أولياءه من ظلمه فَلَا يظلمهم فتيلا فأَبُو الْحَسَنِ نفى الْخلق عَن الْإِيمَان الَّذِي هُوَ صفة من صِفَات الرَّحْمَن فَأَما الْإِيمَان الَّذِي هُوَ صفة الْإِنْسَان فَالْقَوْل بقدمه عين الْبُهْتَان وَكَيف يكون الْإِنْسَان مُحدثا وَصفته قديمَة وَهل يتَصَوَّر ذَلِك إِلَّا من مسخ بعد الإنسانية بَهِيمَة وَقد وقفت على هَذِه المسئلة من تصنيف أَبِي الْحسن فَوجدت استدلاله فِيهَا يدل على هَذَا التَّفْصِيل الْحسن
وَأما قَوْله إِنَّه قد ثَبت وَصَحَّ بِنَقْل الْفُضَلَاء أَنه كَانَ لَا دين لَهُ
فَغير صَحِيح عِنْد الْعلمَاء والعقلاء فَعِنْدَ من صَحَّ ذَلِك أعند أَمْثَاله من السالمية أم صدق فِيهِ أَقْوَال أعدائه من الْمُعْتَزلَة والجهمية فَإِن أَرَادَ أَنه قد صَحَّ عِنْده فَإِنَّهُ بِحَمْد اللَّه لَا عِنْد لَهُ وَكَيف يصدق مثله عَلَيْهِ وَقد تبينت سوء اعْتِقَاده وخطله
وَأما حكايته عَنْ أَبِي الْحسن الشَّاهِد بالأهواز فَعَن مَجْهُول لم يعرف إِلَّا بِالسقطِ والاحتراز ومقالته خَارجه عَن حد الإعتدال تنبىء عَنهُ أَنه كَانَ من الْقَائِلين بالاعتزال لِأَنَّهُ جعل الْخُرُوج عَن مَذْهَب أهل الاعتزال إلحادا وَكفى بِهَذَا الْقدر من قَوْله فَسَادًا
فَأَما تشبيهه أَبَا الْحسن بِابْن الروندي فَإِنَّهُ فِيهِ غير مُصِيب عِنْدِي فقد ذكرت تَسْمِيَة مَا نقض عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ من تواليفه وَبَين من فَسَاد أَقْوَاله فِي كتبه وتصانيفه فَكيف يقرن بَينهمَا