فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَمْ يَشْتَرِ حَتَّى مَاتَ يَعْتِقُ الْمُخَاطَبُ مُقْتَصِرًا عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ فَكَذَا هَذَا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَالْمَعْنَى هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَلَهُ أَنَّ الْآخِرِيَّةَ تَثْبُتُ لِلثَّانِي كَمَا اشْتَرَاهُ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ بِعَرْضِ الزَّوَالِ لِاحْتِمَالِ شِرَاءِ غَيْرِهِ بَعْدَهُ

فَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُ صِفَةَ الْآخِرِيَّةِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ آخِرًا مُنْذُ اشْتَرَاهُ فَيَعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِالْحَيْضِ فَرَأَتْ الدَّمَ لَمْ يَحْنَثْ لِلْحَالِ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ دُونَ الثَّلَاثِ فَإِذَا اسْتَمَرَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعِتْقَ أَوْ الطَّلَاقَ كَانَ وَاقِعًا مِنْ وَقْتِ رَأَتْ الدَّمَ وَقَوْلُهُمْ إنَّ صِفَةَ الْآخِرِيَّةِ إنَّمَا تَثْبُتُ بِعَدَمِ شِرَاءِ غَيْرِهِ بَعْدَهُ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فَلَمْ يُجْعَلْ شَرْطًا شَرْعًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَتَمَّتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت فِئْت إلَيْهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِعَدَمِ الْقُرْبَانِ لَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَلْفُوظًا صَرِيحًا لَمْ يُجْعَلْ شَرْطًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَقْرَبْك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَالَ كُنْت قَرُبْتُهَا فِي الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا هُنَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَقَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ عِنْدَهُمَا وَتَرِثُ بِحُكْمِ أَنَّهُ فَارٌّ وَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَتَحُدُّ وَعِنْدَهُ يَقَعُ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالدُّخُولِ بِشُبْهَةٍ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ بِلَا حِدَادٍ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ طَلُقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّةً لِأَنَّ الَّتِي أَعَادَ عَلَيْهَا التَّزَوُّجَ اتَّصَفَتْ بِكَوْنِهَا أَوْلَى فَلَا تَتَّصِفُ بِالْآخِرِيَّةِ لِلتَّضَادِّ كَمَنْ قَالَ آخِرُ عَبْدٍ أَضْرِبُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَ عَبْدًا ثُمَّ ضَرَبَ آخَرَ ثُمَّ أَعَادَ الضَّرْبَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ الْمَضْرُوبُ مَرَّةً

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (كُلُّ عَبْدٍ بَشَّرَنِي بِكَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرَهُ ثَلَاثَةٌ مُتَفَرِّقُونَ عَتَقَ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ الْبِشَارَةَ اسْمٌ لِخَبَرٍ سَارٍّ صِدْقٍ لَيْسَ لِلْمُبَشَّرِ بِهِ عِلْمُهُ عُرْفًا وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الْبَاقِيَيْنِ أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَرَّ بِابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا طَرِيًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْ بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ فَكَانَ يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ بَشَّرَنِي أَبُو بَكْرٍ وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ» فَقَدْ سَمَّى أَبَا بَكْرٍ مُبَشِّرًا لِأَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِخَبَرٍ سَارٍّ صِدْقٍ وَلَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ وَهَذَا بِخِلَافِ الْخَبَرِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَأَخْبَرَهُ ثَلَاثَةٌ مُتَفَرِّقُونَ عَتَقُوا لِمَا بَيَّنَّا وَرَوَيْنَا لَكِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا كَالْبِشَارَةِ وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ الْعَبْدُ عَتَقَ فِي الْبِشَارَةِ وَالْخَبَرِ لِأَنَّ الْكِتَابَ وَالْمُرَاسَلَةَ تُسَمَّى بِشَارَةً وَهَذَا بِخِلَافِ الْحَدِيثِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُشَافَهَةِ وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا لَهُ أَرْسَلَ عَبْدًا آخَرَ بِالْبِشَارَةِ فَجَاءَ الرَّسُولُ وَقَالَ لِلْمَوْلَى إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك قَدِمَ فُلَانٌ عَتَقَ الْمُرْسِلُ دُونَ الرَّسُولِ وَهَذِهِ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابِ وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ إنَّ فُلَانًا قَدْ قَدِمَ وَلَمْ يَقُلْ أَرْسَلَنِي عَتَقَ الرَّسُولُ خَاصَّةً قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ بَشَّرُوهُ مَعًا عَتَقُوا) لِأَنَّ الْبِشَارَةَ تَحَقَّقَتْ مِنْ الْجَمِيعِ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ خَبَرٍ يُغَيِّرُ بَشَرَةَ الْوَجْهِ لُغَةً وَفِي الْعُرْفِ عِبَارَةٌ عَمَّا بَيَّنَّاهُ وَهِيَ تَتَحَقَّقُ مِنْ الْجَمَاعَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ إلَخْ) فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَتَرِثُ بِحُكْمِ أَنَّهُ فَارٌّ) أَيْ حَيْثُ حَكَمَا بِطَلَاقِهَا فِي آخِرِ نَفَسٍ مِنْ حَيَاتِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ) أَيْ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لِانْتِهَاءِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْكَمَالُ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عِدَّةَ الطَّلَاقِ لَا غَيْرُ اهـ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ فِي فَصْلِ الْفَارِّ وَيَجْعَلُهَا بِالْأَقْرَاءِ وَهُمَا بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ اهـ وَقَالَ فِي الْكَنْزِ وَزَوْجَةُ الْفَارِّ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ بِالْحَيْضِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَقْتَ تَزْوِيجِهَا. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ اسْمٌ لِخَبَرٍ سَارٍّ صِدْقٍ) قَالَ الْكَمَالُ وَقَدْ أُورِدَ عَلَى اشْتِرَاطِ الصِّدْقِ فِي الْبِشَارَةِ أَنَّ تَغَيُّرَ الْوَجْهِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْإِخْبَارِ السَّارِّ صِدْقًا كَذَلِكَ يَحْصُلُ كَذِبًا وَأُجِيبَ بِمَا لَيْسَ بِمُفِيدٍ وَالْوَجْهُ فِيهِ نَقْلُ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ بَشَّرُوهُ مَعًا عَتَقُوا) قَالَ الْحَاكِمُ وَإِنْ قَالَ عَنَيْت وَاحِدًا لَمْ يُدَنْ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَسَعُهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُمْ وَاحِدًا فَيُمْضِيَ عِتْقَهُ وَيُمْسِكَ الْبَقِيَّةَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ خَبَرٍ يُغَيِّرُ بَشَرَةَ الْوَجْهِ) أَيْ مِنْ فَرَحٍ أَوْ تَرَحٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} [هود: 71]. اهـ. كَافِي قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ سَارًّا فِي الْعُرْفِ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَهُوَ مَا يُغَيِّرُ الْبَشَرَةَ سَارًّا أَوْ ضَارًّا قَالَ تَعَالَى {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ بِمَا يُكْرَهُ قُرِنَ بِذِكْرِ مَا بِهِ الْوَعِيدُ كَمَا فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا خَاصٌّ بِالْمَحْبُوبِ وَمَا وَرَدَ بِهِ فِي الْمَكْرُوهِ فَمَجَازٌ دُفِعَ بِمَادَّةِ اشْتِقَاقِهِ وَهِيَ الْبَشَرَةُ فَإِنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ لِذَلِكَ الْخَبَرِ أَثَرًا فِي الْبَشَرَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِمَا يَخَافُهُ الْإِنْسَانُ يُوجِبُ تَغَيُّرَ بَشَرَتِهِ فِي الْمُشَاهَدِ الْمَعْرُوفِ كَمَا يَتَغَيَّرُ بِالْمَحْبُوبِ إلَّا أَنَّ عَلَى الْعُرْفِ بِنَاءَ الْأَيْمَانِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ مَا نَصُّهُ وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَمِنْ قَوْلِهِمْ بَاشَرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إذَا أَلْصَقَ بَشَرَتَهُ بِبَشَرَتِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] بِالْفَاءِ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَكَذَا هُوَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَمَا شَاهَدْته بِخَطِّ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ وَالتِّلَاوَةُ {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ وَفِي شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ كَمَا شَاهَدْته بِخَطِّ الْعَيْنِيِّ فَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ وَالتِّلَاوَةُ {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 101] وَهِيَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ وَالْأُولَى فِي الذَّارِيَاتِ اهـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015