غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَحَارِمِ فِي كُلِّ عَامٍ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدَّرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ بِشَهْرٍ فِي الْمَحَارِمِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفُرِضَ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ وَطِفْلِهِ وَأَبَوَيْهِ فِي مَالٍ لَهُ عِنْدَ مَنْ يُقِرُّ بِهِ وَبِالزَّوْجِيَّةِ، وَيُؤْخَذُ كَفِيلٌ مِنْهَا) أَيْ تُفْرَضُ النَّفَقَةُ فِي مَالِ الْغَائِبِ بِشَرْطِ أَنْ يُقِرَّ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ بِالْمَالِ وَالزَّوْجِيَّةِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ إقْرَارُ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ بِالنَّسَبِ، وَكَذَا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهَا مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَتُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُودَعَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ دُونَ الدَّفْعِ، وَلَنَا أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِالْمَالِ وَالزَّوْجِيَّةِ وَالنَّسَبِ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُمْ بِحَقِّ الْأَخْذِ لِأَنَّهُمْ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَإِقْرَارُ صَاحِبِ الْيَدِ مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا هُنَا، فَإِنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ لَا يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ الْمُودَعَ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْهُ فِي إثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ وَالنَّسَبِ، وَلَا هُمْ خَصْمٌ عَنْهُ فِي إثْبَاتِ الْمَالِ فَإِذَا قُبِلَ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى يُؤْخَذُ مِنْهُ تَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ الْغَائِبُ ضَرُورَةً، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ مُضَارِبِهِ أَوْ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ وَأَقَرَّ بِالْمَالِ وَالزَّوْجِيَّةِ وَالنَّسَبِ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ

وَإِنْ عَلِمَ أَحَدَهُمَا إمَّا النَّسَبَ وَالزَّوْجِيَّةَ أَوْ الْمَالَ يَحْتَاجُ إلَى الْإِقْرَارِ بِمَا لَيْسَ بِمَعْلُومٍ عِنْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ أَيْ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الطَّعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ خِلَافِهِ فَلَا تُفْرَضُ النَّفَقَةُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ أَوْ إلَى الْبَيْعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ، وَالتِّبْرُ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ فِي هَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ قِيمَةً لِلْمَضْرُوبِ، وَإِنْ أُخِذَ مِنْ الْمَرْأَةِ كَفِيلٌ فَحَسَنٌ احْتِيَاطًا لِجَوَازِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ عَجَّلَ لَهَا النَّفَقَةَ أَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً أَوْ مُطَلَّقَةً قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَكَانَ النَّظَرُ لَهُ التَّكْفِيلَ بِخِلَافِ مَا إذَا قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِالْبَيِّنَةِ حَيْثُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ كَفِيلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ فِي النَّفَقَةِ مَعْلُومٌ، وَهُوَ الزَّوْجُ، وَفِي الْمِيرَاثِ مَجْهُولٌ، وَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَعَ التَّكْفِيلِ احْتِيَاطًا لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْطِي الْكَفِيلَ وَلَا يَحْلِفُ

وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْلِفُ وَلَا يُعْطِي الْكَفِيلَ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا نَظَرًا لِلْغَائِبِ، وَلَا يُقْضَى بِنَفَقَةٍ فِي مَالِ الْغَائِبِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ فَنَفَقَةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَفُرِضَ) أَيْ الْإِنْفَاقُ اهـ ع قَالَ الرَّازِيّ يَعْنِي إذَا غَابَ شَخْصٌ وَلَهُ مَالٌ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةً أَوْ مُضَارَبَةً وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَلِلْغَائِبِ زَوْجَةٌ يُقِرُّ الْمُودَعُ بِزَوْجِيَّتِهَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَتَهَا مِنْ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَبَوَيْهِ) أَيْ وَكَذَا يُفْرَضُ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ الزَّمْنَى وَالْإِنَاثِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ كَفِيلٌ مِنْهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا يُشْتَرَطُ إقْرَارُ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ بِالنَّسَبِ) وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَهُ فَيَقُولَ عِنْدَ مَنْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَبِالزَّوْجِيَّةِ وَبِالنَّسَبِ. اهـ. فَتْحٌ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ) أَيْ بِالزَّوْجِيَّةِ وَبِأَنَّ الْمَالَ لِلْغَائِبِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ) أَيْ بِكَوْنِهَا زَوْجَتَهُ. اهـ. وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ أَيْ صَاحِبُ الْيَدِ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْغَائِبُ ضَرُورَةً) أَيْ لِكَوْنِ مَا أَقَرَّ بِهِ مِلْكَهُ اهـ

(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ مُضَارِبِهِ) أَيْ مُضَارِبِ الْغَائِبِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ خِلَافِهِ) كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْعُرُوضِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا تُفْرَضُ النَّفَقَةُ فِيهِ) وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ حَقِّهَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَعَ التَّكْفِيلِ إلَخْ) قَالَ الرَّازِيّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَلِّفَهَا أَنَّهَا مَا أَخَذَتْ النَّفَقَةَ نَظَرًا لِلْغَائِبِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى بِنَفَقَةٍ فِي مَالِ الْغَائِبِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ) أَيْ لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الصِّغَارِ وَالْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ الْكِبَارِ الزَّمْنَى وَالْإِنَاثِ يَعْنِي يُقْضَى لِهَؤُلَاءِ بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِ الْغَائِبِ، وَلَا يُقْضَى لِغَيْرِهِمْ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَسَائِرِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ تَجِبُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَإِنَّمَا الْقَضَاءُ الْإِيفَاءُ وَالْإِعَانَةُ بِخِلَافِ نَفَقَةِ غَيْرِهِمْ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْقَضَاءِ لِكَوْنِهَا مُجْتَهِدًا فِيهَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ فِي غَيْرِ الْأَوْلَادِ فَلَمَّا كَانَ وُجُوبُهَا بِالْقَضَاءِ

وَالْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا فَلَا يُقْضَى لَهُمْ بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِ الْغَائِبِ، تَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ جَارِيَةٌ مَجْرَى الدُّيُونِ، وَلِهَذَا تَجِبُ مَعَ الْإِعْسَارِ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَلَمْ يَتَوَقَّفْ وُجُوبُهَا إلَى الْقَضَاءِ، وَأَمَّا الْأَبَوَانِ فَقَدْ جُعِلَ مَالُ الْوَلَدِ الْغَائِبِ فِي حُكْمِ مَالِهِمَا أَمَّا فِي الْوَلَدِ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» فَكَانَ قَضَاءُ الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ إعَانَةً، وَأَمَّا فِي الْوَالِدَةِ فَلِأَنَّهَا مِثْلُ الْوَالِدِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَقَدْ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجِي» فَإِذَا كَانَتْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْوَالِدِ، وَلِلْوَالِدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مِنْ النَّفَقَةِ مِقْدَارَ كِفَايَتِهِ أَوْ يَفْرِضَ لَهُ الْقَاضِي كَانَتْ الْأُمُّ أَوْلَى، وَأَمَّا الْأَوْلَادُ الْكِبَارُ الزَّمْنَى وَالْإِنَاثُ فَلِعَجْزِهِمْ صَارُوا فِي مَعْنَى الصِّغَارِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ مَنْ سِوَاهُمْ فَإِنَّهَا لَا تَجْرِي مَجْرَى الدُّيُونِ بَلْ هِيَ صِلَةٌ يَتَأَكَّدُ حُكْمُهَا بِالْقَضَاءِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ أَمَّا غَيْرُهُمْ مِنْ الْمَحَارِمِ فَنَفَقَتُهُمْ إنَّمَا تَجِبُ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ اهـ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوُجُوبَ ثَابِتٌ بِدَلِيلِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ حَتَّى كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ دِيَانَةً

وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ فَقَدْ يَمْتَنِعُ تَمَسُّكًا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى أَنْ لَا تَجِبَ النَّفَقَةُ فَلَا يُعَيَّنُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْوُجُوبِ إلَّا الْقَضَاءُ بِهِ فَيَنْتَفِي تَأْوِيلُهُ، وَيَتَقَرَّرُ فِي ذِمَّتِهِ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ، وَفِي الْكَافِي لَوْ أَنْفَقَ الْمَدْيُونُ أَوْ الْمُودَعُ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ الْمُودَعُ، وَلَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ، وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ الدَّيْنُ الْوَدِيعَةُ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ أَنْظَرُ لِلْغَائِبِ فَإِنَّ الدَّيْنَ مَحْفُوظٌ لَا يَحْتَمِلُ الْهَلَاكَ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ اهـ، وَكُتِبَ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ مَا نَصُّهُ، وَهُمْ الزَّوْجَةُ وَالْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ، وَيُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ الْأَوْلَادُ الْكِبَارُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ الْكِبَارُ الزَّمْنَى وَنَحْوُهُمْ لِأَنَّهُمْ كَالصِّغَارِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ) وَإِيفَاءُ حَقٍّ وَجَبَ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ مَالِهِ جَائِزٌ وَالْقَضَاءُ بِنَفَقَةِ هَؤُلَاءِ إيفَاءٌ لِمَا وَجَبَ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَيْسَ بِقَضَاءٍ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إيجَابٌ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَقَدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015