عَلَيْهِ فَتَرُدُّهُ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ دَيْنًا فَقَضَاهُ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْمَقْبُوضَ، وَكَمَا إذَا أَسْلَفَهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَكَرِزْقِ الْقَاضِي وَالْمُقَاتِلَةِ إذَا أُسْلِفَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْمُدَّةِ، وَلَنَا أَنَّهَا صِلَةٌ اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ، وَلَا رُجُوعَ فِي الصِّلَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّصَادُقِ فَإِنَّ الْمَقْبُوضَ هُنَاكَ مَضْمُونٌ عَلَى الْقَابِضِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ هَلَكَ، وَهُنَا يَسْقُطُ الرُّجُوعُ بِالْهَلَاكِ إجْمَاعًا، وَبِخِلَافِ التَّعْجِيلِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ سَبَبِهِ، وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُ، وَهُنَا وَقَعَ صَحِيحًا لَازِمًا، وَرِزْقُ الْقَاضِي مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ، وَالنَّظَرُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ وَيُعْطَى لِمَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُبَاعُ الْقِنُّ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ) وَمَعْنَاهُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ، وَقَدْ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ كَدَيْنِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَصِحَّ فَلَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ فِيهِ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا لَا يُبَاعُ أَيْضًا فِي الْمَهْرِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الْمَوْلَى لِكَوْنِهِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَفْدِيَهُ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ لَا فِي عَيْنِ الرَّقَبَةِ فَلَوْ مَاتَ سَقَطَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الصِّلَاتِ تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَا إذَا قُتِلَ تَسْقُطُ فِي الصَّحِيحِ، وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ لِأَنَّهُ أَخْلَفَ الْقِيمَةَ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ إنْ لَوْ فَاتَ الْمَحَلِّ لَا إلَى خُلْفٍ كَالْعَبْدِ الْجَانِي إذَا قُتِلَ بِالْجِنَايَةِ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْقِيمَةِ إذَا كَانَ دِينًا لَا يَسْقُط بِالْمَوْتِ، وَهَذَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَكَيْفَ يَنْتَقِلُ إلَيْهَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ أُخْرَى بَعْدَمَا بِيعَ مَرَّةً بِيعَ ثَانِيًا، وَكَذَا ثَالِثًا إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى، وَلَيْسَ مِنْ الدُّيُونِ مَا يُبَاعُ فِيهِ مِرَارًا إلَّا دَيْنَ النَّفَقَةِ، وَغَيْرُهُ مِنْ الدُّيُونِ يُبَاعُ فِيهِ مَرَّةً فَإِنْ أَوْفَى الْغُرَمَاءَ، وَإِلَّا طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ يَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَيَكُونُ دِينًا آخَرَ حَادِثًا بَعْد الْبَيْعِ، وَلَا كَذَلِكَ سَائِرُ الدُّيُونِ، وَلَوْ كَانَ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ وَلَدَ أُمِّ وَلَدٍ لَا يُبَاعُ بِالنَّفَقَةِ لِعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَجَزَ يُبَاعُ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ النَّقْلَ بَعْدَ الْعَجْزِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّبْوِئَةِ) لِأَنَّ الِاحْتِبَاسَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِهَا، وَتَبْوِئَتُهَا أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَلَا يَسْتَخْدِمَهَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ تَفْرِيغُهَا لِمَصَالِحِ الزَّوْجِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالتَّبْوِئَةِ، وَإِنْ اسْتَخْدَمَهَا بَعْدَ التَّبْوِئَةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا لِزَوَالِ الْمُوجِبِ فَإِنْ خَدَمَتْهُ أَحْيَانَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لَا تَسْقُطُ

ـــــــــــــــــــــــــــــ Q ( قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ فِي الصِّلَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ) لِانْتِهَاءِ حُكْمِهَا كَمَا إذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِ الْهِبَةِ، وَكَمَا إذَا كَانَتْ هَالِكَةً مِنْ غَيْرِ اسْتِهْلَاكٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ الرَّازِيّ قُلْنَا إنَّهَا صِلَةٌ اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ وَحَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فِي الصِّلَاتِ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُنَا يَسْقُطُ بِالْهَلَاكِ إجْمَاعًا) أَيْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ

. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُبَاعُ الْقِنُّ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ حُرَّةً فَنَفَقَتُهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ فِيهَا مَعْنَاهُ إذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنَّمَا احْتَاجَ إلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَلَا مَهْرَ، وَبِهِ صَرَّحَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ لِأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَبِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْحُرَّةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ قَبْلَ التَّبْوِئَةِ وَيَجِيءُ بَيَانُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ النَّفَقَةُ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ فَيَسْتَوِي فِيهَا الْحُرُّ وَالْمَمْلُوكُ كَالْمَهْرِ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ فِي النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمَّا كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى ظَهَرَ وُجُوبُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فِي حَقِّهِ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَأَكْسَابِهِ كَمَا فِي دُيُونِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى لِأَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ فِي النَّفَقَةِ لَا فِي عَيْنِ الرَّقَبَةِ

فَإِذَا أَوْفَاهَا الْمَوْلَى نَفَقَتَهَا لَا يَبْقَى حَقُّهَا فِي النَّفَقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُبَاعُ الْعَبْدُ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ إذَا تَزَوَّجَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى حُرَّةً أَوْ أَمَةً بَعْدَ التَّبْوِئَةِ حَيْثُ تَجِبُ النَّفَقَةُ وَالْمَهْرُ عَلَيْهِمَا، وَلَكِنَّهُمَا لَا يُبَاعَانِ فِي الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ بَلْ يُؤْمَرَانِ بِالسِّعَايَةِ اهـ. قَالَ الرَّازِيّ فَإِنْ كَانَ مُدَبَّرًا تَتَعَلَّقُ النَّفَقَةُ بِكَسْبِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مُكَاتَبًا مَا لَمْ يَعْجِزْ فَإِنْ عَجَزَ بِيعَ فِيهَا اهـ قَوْلُهُ تَتَعَلَّقُ النَّفَقَةُ بِكَسْبِهِ يَعْنِي لَا بِرَقَبَتِهِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ) أَيْ الْعَبْدُ الَّذِي تَزَوَّجَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ الدُّيُونِ يُبَاعُ فِيهِ مَرَّةً) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إذَا بِيعَ فِي الْمَهْرِ مَرَّةً وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ بِأَنْ لَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِكُلِّ الْمَهْرِ لَا يُبَاعُ مَرَّةً أُخْرَى بَلْ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ أَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا بِيعَ فِي جَمِيعِ الْمَهْرِ فَلَا يُبَاعُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ مَرَّةً أُخْرَى بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي النَّفَقَةِ الْمُجْتَمِعَةِ لَا فِي النَّفَقَاتِ الَّتِي لَمْ تَصِرْ وَاجِبَةً بَعْدُ

وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَإِذَا اجْتَمَعَتْ مَرَّةً أُخْرَى يُبَاعُ فِيهَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ الَّتِي بِيعَ فِيهَا أَوَّلًا غَيْرُ هَذِهِ النَّفَقَةِ الَّتِي وَجَبَتْ ثَانِيَةً قَالَ فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَشَرْحِ الْكَافِي لِلسَّرَخْسِيِّ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالشَّامِلِ إذَا كَانَ لِلْعَبْدِ أَوْ الْمُدَبَّرِ وَلَدٌ مِنْ امْرَأَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فَالْوَلَدُ مِلْكٌ لِمَوْلَاهَا وَنَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَوَلَدُهَا يَكُونُ حُرًّا، وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ حُرٍّ عَلَى مَمْلُوكٍ، وَلَا عَلَى مَوْلَاهُ لِأَنَّ وَلَدَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ امْرَأَتُهُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِذَا كَانَتْ امْرَأَةُ الْمُكَاتَبِ مُكَاتَبَةً، وَهُمَا لِمَوْلًى وَاحِدٍ فَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِلْأُمِّ فِي كِتَابَتِهَا، وَلِهَذَا كَانَ كَسْبُ الْوَلَدِ لَهَا، وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لَهَا وَمِيرَاثُهُ لَهَا، وَكَذَلِكَ النَّفَقَةُ تَكُونُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ حَيْثُ تَكُونُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي كِتَابَتِهِ، وَلِهَذَا يَكُونُ كَسْبُهُ لَهُ، وَكَذَا أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لَهُ، وَلِأَنَّهُ جُزْؤُهُ فَإِذَا تَبِعَهُ فِي الْعَقْدِ كَانَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ وَتَبْوِئَتُهَا) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَبَوَّأْته دَارًا أَسْكَنْته إيَّاهَا وَبَوَّأْت لَهُ كَذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَخْدِمَهَا) بِالنَّصْبِ عَطْفًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015