لَهَا شَيْئًا لَهَا فِيهِ نَفْعٌ فَعِنْدَ فَوَاتِهِ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِعَدَمِ رِضَاهَا بِهِ، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَ الْمَضْمُومُ إلَى الْمَهْرِ مَالًا كَالْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا يُكْمِلُ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ عِنْدَ فَوَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَتْ الْحَنَابِلَةُ إنْ لَمْ يَفِ بِهِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَحَقُّ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ»، وَلَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ
وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُحَرِّمُ الْحَلَالَ كَالتَّزَوُّجِ وَالْمُسَافَرَةِ بِهَا وَالتَّسَرِّي وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكَانَتْ مَرْدُودَةً وَلَا دَلِيلَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مُدَّعَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَعَلَهُ أَحَقَّ أَيْ بِالْإِيفَاءِ فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ الْفَسْخُ عِنْدَ فَوَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَأَقَامَ بِهَا أَيْ أَقَامَ بِهَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ أَقَامَ بِهَا وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا وَإِنَّمَا وَجَبَ الْأَلْفُ فِيهِ لِوُجُودِ رِضَاهَا بِهِ وَصَلَاحِيَّتِهِ مَهْرًا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ أَيْ إنْ لَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَقُمْ بِهَا فِي الثَّانِيَةِ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَقَدْ بَيَّنَّاهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، فَلَيْسَ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ إنْ أَخْرَجَهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى الْأَلْفَيْنِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَلْفِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا الشَّرْطَانِ جَمِيعًا جَائِزَانِ حَتَّى كَانَ لَهَا الْأَلْفُ عِنْدَ الْإِقَامَةِ وَالْأَلْفَانِ عِنْدَ إخْرَاجِهَا
وَقَالَ زُفَرُ الشَّرْطَانِ فَاسِدَانِ، فَيَكُونُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا يُزَادُ عَلَى الْأَلْفَيْنِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَلْفِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَتْ مَوْلَاةً وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ ذَكَرَ لِلْبُضْعِ بَدَلَانِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ، فَيَكُونُ مَجْهُولًا فَيَفْسُدُ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفَيْنِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقَامَةَ إنَّمَا تُذْكَرُ لِلتَّرْغِيبِ فَعِنْدَ فَوَاتِهَا لَا تَنْعَدِمُ التَّسْمِيَةُ، وَكَذَا الْإِخْرَاجُ فَيَجْتَمِعُ فِي الْحَالِ تَسْمِيَتَانِ فَتَفْسُدُ وَلَهُمَا أَنَّ الْإِقَامَةَ وَالْإِخْرَاجَ مَقْصُودٌ عُرْفًا فَاخْتِلَافُهُمَا كَاخْتِلَافِ النَّوْعِ فَلَا يَجْتَمِعُ فِي كُلِّ حَالَةٍ تَسْمِيَتَانِ بَلْ فِيهِ تَسْمِيَةٌ وَاحِدَةٌ فَصَارَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَتْ قَبِيحَةً وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ جَمِيلَةً وَكَمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَبَيْنَ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ إحْدَى التَّسْمِيَتَيْنِ مُنْجَزَةٌ وَالْأُخْرَى مُعَلَّقَةٌ فَلَا يَجْتَمِعُ فِي الْحَالِ تَسْمِيَتَانِ فَإِذَا أَخْرَجَهَا فَقَدْ اجْتَمَعَا فَتَفْسُدَانِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يُوجَدُ قَبْلَ شَرْطِهِ، وَالْمُنْجَزُ لَا يَنْعَدِمُ بِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ فَيَتَحَقَّقُ الِاجْتِمَاعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَا قَبْلَهُ وَتَمَامُهُ يَجِيءُ فِي الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ إنْ خَطَّتْهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خَطَّتْهُ غَدًا فَبِدِرْهَمَيْنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَتْ قَبِيحَةً وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ جَمِيلَةً أَنَّ الْخَطَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ دَخَلَ عَلَى التَّسْمِيَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَعْرِفُ هَلْ يُخْرِجُهَا أَوْ لَا وَلَا مُخَاطَرَةَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ، لَكِنَّ الزَّوْجَ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ وَجَهَالَتُهُ لَا تُوجِبُ خَطَرًا هَكَذَا ذَكَرَ الْفَرْقَ فِي الْغَايَةِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ عَلَى أَلْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْلَاةً عَلَى أَلْفٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَعَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مُخَاطَرَةَ هُنَا وَلَكِنْ جُهِلَ الْحَالُ
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الثَّمَنَيْنِ لَمْ يَجْتَمِعَا بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ بَلْ جُعِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا مَعْلُومًا فَيَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِثَمَنِهِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ حُكِّمَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِعَدَمِ رِضَاهَا بِهِ) أَيْ بِالْمُسَمَّى وَهُوَ الْأَلْفُ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْهَدِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى أَنْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُنْقِصُ مِنْ الْأَلْفِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ لَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ سَقَطَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا كَطَلَاقِ امْرَأَةٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ، فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُسَمَّى، وَعِنْدَنَا مَتَى كَانَ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ لَهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ فِيهِ فَعِنْدَ فَوَاتِهِ يُكْمِلُ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ لَا يُكْمِلُ، مِثَالُ الْأَوَّلِ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ وَعَلَى أَنْ يُعْتِقَ أَخَاهَا يُكْمِلُ عِنْدَ إبَائِهِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ وَعَلَى أَنْ يُعْتِقَ أَجْنَبِيًّا لَا يُكْمِلُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الزِّيَادَاتِ اهـ. غَايَةٌ قَوْلِهِ، فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُسَمَّى أَيْ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ لَا يَصْلُحُ مَهْرًا فَاسْتَحْكَمَ الْمُسَمَّى مَهْرًا فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ بِعِوَضٍ عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَالًا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِعِوَضِهِ عِنْدَ فَوَاتِهِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَنَا أَنَّهَا إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا بِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِانْعِدَامِ الرِّضَا بِالْمُسَمَّى كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ يُهْدِي إلَيْهَا هَدِيَّةً أَمَّا إذَا كَانَ شَيْئًا لَا يُبَاحُ لَهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى عَشْرَةً فَصَاعِدًا يَجِبُ ذَلِكَ وَيَبْطُلُ الْحَرَامُ وَلَا يُكْمِلُ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْتَفِعُ بِالْحَرَامِ فَلَا يَجِبُ عِوَضُهُ بِفَوَاتِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ») رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ») أَيْ وَلَوْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) أَيْ بِأَنْ أَخْرَجَهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَلْفِ) أَيْ لِرِضَاهَا بِإِسْقَاطِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَلْفَيْنِ وَرِضَاهُ بِالْأَلْفِ اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: ذُكِرَ لِلْبُضْعِ بَدَلَانِ) أَيْ وَهُمَا الْأَلْفُ وَالْأَلْفَانِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ) أَيْ الْمَهْرُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ) أَيْ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ قَدْ صَحَّ لِعَدَمِ الْجَهَالَةِ فِيهِ فَتَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِهِ، ثُمَّ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ نَشَأَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ لَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ فَلَمَّا خَالَفَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الشَّرْطِ نَفْعًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا اهـ.