وَيُعِيدُ السَّعْيَ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلطَّوَافِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ النُّقْصَانِ بِالْإِعَادَةِ، وَلَوْ أَعَادَ الطَّوَافَ، وَلَمْ يُعِدْ السَّعْيَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي السَّعْيِ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ أَنْ يَقَعَ عَقِيبَ طَوَافٍ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَطَوَافُ الْمُحْدِثِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِهِ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَعَادَ الطَّوَافَ صَارَ الطَّوَافُ الْأَوَّلُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَا فَرْضَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ وَلَا يُعْتَدُّ بِالثَّانِي، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَإِذَا ارْتَفَضَ الْأَوَّلُ بَقِيَ السَّعْيُ قَبْلَ الطَّوَافِ.

وَهُوَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَا عُرِفَ كَوْنُهُ قُرْبَةً إلَّا بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يَكُونُ عِبَادَةً عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَيَكُونُ تَارِكًا لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعِدْ الطَّوَافَ وَأَرَاقَ دَمًا حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ السَّعْيِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ لَا يَرْتَفِعُ الطَّوَافُ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا يَنْجَبِرُ بِهِ نُقْصَانُهُ فَيَكُونُ مُتَقَرِّرًا فِي مَوْضِعِهِ فَيَكُونُ السَّعْيُ عَقِيبَهُ فَيُعْتَبَرُ، وَلَوْ طَافَ الْفَرْضَ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ، وَهُوَ الْحَطِيمُ فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَعَادَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ فَيَجِبُ الطَّوَافُ وَرَاءَهُ، وَالطَّوَافُ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ أَنْ يَدُورَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَيَدْخُلَ الْفُرْجَةَ الَّتِي بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَالْحَطِيمِ فَيَدْخُلَهُ بِذَلِكَ نَقْصٌ فَمَا دَامَ بِمَكَّةَ أَعَادَهُ كُلَّهُ لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، وَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى الْحِجْرِ خَاصَّةً جَازَ؛ لِأَنَّهُ تَلَافَى مَا هُوَ الْمَتْرُوكُ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ يَمِينِهِ خَارِجَ الْحِجْرِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَدْخُلَ الْحِجْرَ مِنْ الْفُرْجَةِ، وَيَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ هَكَذَا يَفْعَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَقَالَ قَاضِي خَانْ: وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَتَى آخِرَ الْحِجْرِ يَرْجِعُ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْحِجْرِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ مِنْ أَوَّلِ الْحِجْرِ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ أَوَّلًا لَكِنْ لَا يُعَدُّ رُجُوعُهُ إلَى ذَلِكَ شَوْطًا وَهَكَذَا سَبْعُ مَرَّاتٍ وَلَوْ طَافَ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ مِنْ دَاخِلِ الْحَطِيمِ بِأَنْ تَسَوَّرَ الْحَائِطَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ الْحَطِيمَ كُلَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَلَوْ عَادَ إلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يُعِدْ الطَّوَافَ يَلْزَمُهُ الدَّمُ فِي الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ شَوْطٍ مِنْهُ يُوجِبُ الدَّمَ، وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الرُّبْعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَاجِبِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِ الصَّدَقَةُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ تَرَكَ السَّعْيَ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ بِتَرْكِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ عِنْدَنَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ بِتَرْكِهِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ الْإِمَامِ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ بِإِفَاضَتِهِ مِنْهَا بِالنَّهَارِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ الْإِمَامِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الدَّمُ إذَا أَفَاضَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِمَامِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِالْإِفَاضَةِ مِنْ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ أَصْلُ الْوُقُوفِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِتَرْكِ الِاسْتِدَامَةِ شَيْءٌ، وَلَنَا أَنَّ نَفْسَ الْوُقُوفِ رُكْنٌ، وَاسْتِدَامَتُهُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَادْفَعُوا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ» أَمْرٌ، وَهُوَ لِلْوُجُوبِ وَبِتَرْكِ الْوَاجِبِ يَجِبُ الْجَابِرُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَفَ لَيْلًا؛ لِأَنَّا عَرَفْنَا الِاسْتِدَامَةَ بِالسُّنَّةِ فِيمَنْ وَقَفَ نَهَارًا لَا لَيْلًا فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُ عَلَى أَصْلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهُوَ قَوْلُهُ: «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» وَلَوْ عَادَ إلَى عَرَفَاتٍ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْإِفَاضَةُ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَقَدْ حَصَلَ فَصَارَ نَظِيرَ مَنْ طَافَ جُنُبًا ثُمَّ أَعَادَهُ أَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ عَادَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ وَاجِبَةٌ فَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهَا بِالْعَوْدِ بِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ وَإِنْ عَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْوَجْهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَا بَيَّنَّاهُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ تَرَكَ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ) يَعْنِي يَجِبُ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَيَجِبُ الدَّمُ بِتَرْكِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ رَمَى الْجِمَارَ كُلَّهَا أَوْ رَمَى يَوْمَ) أَيْ بِتَرْكِ رَمْيِ الْجِمَارِ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ أَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ أَعَادَ الطَّوَافَ وَلَمْ يُعِدْ السَّعْيَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الصَّحِيحِ. اهـ. هِدَايَةٌ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالُوا: إذَا أَعَادَ الطَّوَافَ، وَلَمْ يُعِدْ السَّعْيَ عَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ تَجْعَلُ الْمُؤَدَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَجْهٍ فَيَبْقَى السَّعْيُ قَبْلَ الطَّوَافِ وَذَلِكَ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الطَّوَافِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الرُّبْعِ) أَيْ رُبْعِ الْبَيْتِ اهـ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ بِتَرْكِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) أَيْ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمُسَمَّى بِالْكَافِي: وَإِنْ تَرَكَ السَّعْيَ فِيمَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَأْسًا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ أَطْعَمَ لِكُلِّ شَوْطٍ مِسْكِينًا نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ دَمًا فَحِينَئِذٍ يُطْعِمُ مِنْهُ مَا شَاءَ يَعْنِي نَقَصَ مِنْهُ مَا شَاءَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ وَاجِبٌ كَالرَّمْيِ وَطَوَافِ الصَّدْرِ فَيَكُونُ تَرْكُ الْأَكْثَرِ كَتَرْكِ كُلِّهِ فِي وُجُوبِ الدَّمِ، وَتَجِبُ الصَّدَقَةُ بِتَرْكِ الْأَقَلِّ لِيَكُونَ الْوَاجِبُ بِتَرْكِ الْأَقَلِّ دُونَ مَا يَجِبُ بِتَرْكِ الْأَكْثَرِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(قَوْلُهُ: «فَادْفَعُوا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ») وَالدَّفْعُ مِنْ عَرَفَاتٍ هُوَ الْإِفَاضَةُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَفَ لَيْلًا) أَيْ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) أَرَادَ بِهِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ رَجَعَ وَوَقَفَ بِهَا بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ سُنَّةُ الدَّفْعِ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَمْ يُسْتَدْرَكْ ذَاكَ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَرَوَى ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْقُطُ) قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ الْمَتْرُوكَ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: أَوْ تَرَكَ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ) اعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى أَنْ يُسْفِرَ جِدًّا فَمَنْ حَضَرَ الْمُزْدَلِفَةَ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَقَدْ أَتَى بِالْوُقُوفِ وَمَنْ تَرَكَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِأَنْ جَاوَزَ الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ إلَّا إذَا جَاوَزَهَا لَيْلًا عَنْ عِلَّةٍ وَضَعْفٍ فَخَافَ الزِّحَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَخَّصَ لِلضُّعَفَاءِ أَنْ يَتَعَجَّلُوا بِلَيْلٍ». اهـ. أَتْقَانِيٌّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015