- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّ الْمَتَاعَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي مَوْضِعِ الْكَسْرِ؛ لِأَنَّهُ تَسَلَّمَ الْعَمَلَ بِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ فَيُعْطِيهِ أُجْرَتَهُ وَلَا يُخَيَّرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَهُمَا عَلَى مَا بَيَّنَّا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَضْمَنُ حَجَّامٌ أَوْ بَزَّاغٌ أَوْ فَصَّادٌ لَمْ يَعْتَدْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ فَصَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَالْفِعْلُ الْوَاجِبُ لَا يُجَامِعُهُ الضَّمَانُ كَمَا إذَا حَدَّ الْقَاضِي أَوْ عَزَّرَ وَمَاتَ الْمَضْرُوبُ بِذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَدَقِّ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ؛ لِأَنَّ قُوَّةَ الثَّوْبِ وَرِقَّتَهُ يُعْرَفُ بِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ الدَّقِّ بِالِاجْتِهَادِ فَأَمْكَنَ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلِيمِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَبْتَنِي عَلَى قُوَّةِ الطِّبَاعِ وَضَعْفِهِ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ الْجَرْحِ فَلَا يُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلِيمِ وَهُوَ غَيْرُ السَّارِي فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ إلَّا إذَا جَاوَزَ الْمُعْتَادَ فَيَضْمَنُ الزَّائِدَ كُلَّهُ إذَا لَمْ يَهْلَكْ، وَإِنْ هَلَكَ يَضْمَنُ نِصْفَ دِيَةِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَضْمَنُ بِحِسَابِهِ وَهُوَ النِّصْفُ، حَتَّى أَنَّ الْخَتَّانَ لَوْ قَطَعَ الْحَشَفَةَ وَبَرَأَ الْمَقْطُوعُ تَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ هُوَ الْحَشَفَةُ وَهُوَ عُضْوٌ كَامِلٌ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَإِنْ مَاتَ وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِمَا ذَكَرْنَا وَهِيَ مِنْ أَنْدَرِ الْمَسَائِلِ وَأَغْرَبِهَا حَيْثُ يَجِبُ الْأَكْثَرُ بِالْبُرْءِ وَبِالْهَلَاكِ أَقَلُّ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْخَاصُّ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ) أَيْ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلْعَمَلِ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ سُمِّيَ أَجِيرًا خَاصًّا وَأَجِيرَ وَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْوَاحِدُ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ فِي الْمُدَّةِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ وَالْأَجْرُ مُقَابَلٌ بِهَا فَيَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْعَمَلِ مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَالْمَرَضِ وَالْمَطَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ التَّمَكُّنَ مِنْ الْعَمَلِ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْأَجْرُ مُقَابَلٌ بِالْمَنَافِعِ، وَلِهَذَا يَبْقَى الْأَجْرُ مُسْتَحَقًّا، وَإِنْ نُقِضَ الْعَمَلُ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ نُقِضَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي خَيَّاطٍ خَاطَ ثَوْبَ رَجُلٍ بِأَجْرٍ فَفَتَقَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ رَبُّ الثَّوْبِ فَلَا أَجْرَ لِلْخَيَّاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَمَلَ إلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَلَا يُجْبَرُ الْخَيَّاطُ عَلَى أَنْ يُعِيدَ الْعَمَلَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ كَانَ يَجِبُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ الْعَقْدُ قَدْ انْتَهَى بِتَمَامِ الْعَمَلِ

وَإِنْ كَانَ الْخَيَّاطُ هُوَ الَّذِي فَتَقَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْعَمَلَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي نَقَضَ عَمَلَهُ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَخِطْ، وَكَذَلِكَ الْإِسْكَافُ وَالْمَلَّاحُ حَتَّى إذَا رَدَّ الْمَلَّاحُ السَّفِينَةَ أَوْ نَقَضَ الْإِسْكَافُ الْخِيَاطَةَ أُجْبِرَ عَلَى إعَادَتِهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ أَجِيرَ وَحَدٍ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِرَعْيِ الْغَنَمِ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى لِغَيْرِهِ أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّةَ أَوْ لَا نَحْوُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَاعِيًا شَهْرًا لِيَرْعَى لَهُ غَنَمًا مُسَمَّاةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ أَجِيرَ الْوَحَدِ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْكَلَامَ عَلَى الْمُدَّةِ فِي أَوَّلِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَرْعَى الْغَنَمَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ فَيَصِيرَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الَّذِي يَقَعُ عَقْدُهُ عَلَى الْعَمَلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ الَّذِي يُسْتَحَقُّ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِي الْمُدَّةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَمَا تَلِفَ بِعَمَلِهِ إلَخْ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَالْأَتْقَانِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالرَّاعِي بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا كَانَ يَرْعَى لِلْعَامَّةِ فَمَا تَلِفَ مِنْ سَوْقِهِ وَضَرْبِهِ إيَّاهَا بِخِلَافِ الْعَادَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ وَإِذَا سَاقَ الدَّوَابَّ عَلَى الشِّرْعَةِ فَازْدَحَمَتْ عَلَى الْقَنْطَرَةِ وَدَفَعَتْ بَعْضُهَا بَعْضًا فَسَقَطَتْ فِي الْمَاءِ وَعَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِتَرْعَى غَنَمِي خَاصَّةً مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهَذَا أَجِيرُ الْوَحَدِ، وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الرَّاعِي إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَعْيُ الْأَوْلَادِ الَّتِي تَحْدُثُ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ يَجُوزُ وَفِي أَجِيرِ الْوَحَدِ يَجِبُ وَعَلَيْهِ رَعْيُ الْأَوْلَادِ. اهـ.

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا يَضْمَنُ حَجَّامٌ أَوْ بَزَّاغٌ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالتَّتِمَّةِ أَيْضًا إذَا شَرَطَ عَلَى الْحَجَّامِ وَالْبَزَّاغِ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْرِي لَا يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ ذَلِكَ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْقَصَّارِ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَخَرَّقُ صَحَّ؛ لِأَنَّ فِي وُسْعِهِ ذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ فَصَّادٌ) فَصَدَ الْفَصَّادُ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَهُوَ فِي الْآدَمِيِّ وَبَزَغَ مِنْ حَدِّ فَتَحَ وَهُوَ فِي الْحَيَوَانِ يُقَالُ بَزَغَ الْبَيْطَارُ الدَّابَّةَ إذَا شَقَّهَا بِالْمِبْزَغِ وَهُوَ مِثْلُ مِشْرَطِ الْحَجَّامِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ قَالَهُ الْكَاكِيُّ، وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ الْبَطْرُ الشَّقُّ فِي جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ يُقَالُ بَطَرْت الْجِلْدَ أَبْطُرُهُ وَأَبْطِرُهُ بَطْرًا وَهُوَ أَصْلُ بِنَاءِ الْبَيْطَارِ وَقَالُوا رَجُلٌ بَيْطَرٌ وَبِيَطْرٌ وَمُبَيْطِرٌ وَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا هَلَكَ مِنْ عَمَلِ الْقَصَّارِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَرْقِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ؛ لِأَنَّ فِي وُسْعِهِ الْإِتْيَانَ بِالْعَمَلِ الْمُصْلِحِ دُونَ الْمُفْسِدِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَسَادَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِخَرْقٍ فِي الْعَمَلِ بِالدَّقِّ لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَحْتَمِلُهُ الثَّوْبُ أَوْ لِخُشُونَةٍ فِي الْمِدَقَّةِ أَوْ لِخَلَلٍ فِي الثَّوْبِ بِأَنْ كَانَ فِيهِ حَصَاةٌ أَوْ فَسَادُ طَيٍّ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالرَّجُلُ إذَا كَانَ بَصِيرًا فِي صَنْعَتِهِ يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ ذَلِكَ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْبَحْثِ عَنْ الْخَلَلِ وَالْمُرَاقَبَةِ فِي الدَّقِّ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا وَالْمُسْتَأْجِرُ مَا رَضِيَ إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ انْتَفَى الْإِذْنُ بِالْفَسَادِ ضَرُورَةً اهـ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ إلَخْ)؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ التَّقْصِيرُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُوضَعَ ثَلَاثُ أَوْرَاقٍ وَيُقَالَ لِلْحَجَّامِ اضْرِبْ بِمِشْرَطِك عَلَى هَذِهِ الْأَوْرَاقِ وَانْفُذْهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ حَاذِقٌ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ. اهـ. بَاكِيرٌ.

(قَوْلُهُ تَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) هَذَا نَقَلَهُ قَاضِيخَانْ فِي جِنَايَةِ فَتَاوَاهُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمَطَرِ) حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِاِتِّخَاذِ الطِّينِ أَوْ غَيْرِهِ فِي الصَّحْرَاءِ فَمَطَرَ فِي الصَّحْرَاءِ ذَلِكَ بَعْدَ مَا خَرَجَ الْأَجِيرُ إلَى الصَّحْرَاءِ لَا أَجْرَ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ لَمْ يُوجَدْ لِمَكَانِ الْعُذْرِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْمَرْغِينَانِيُّ اهـ دِرَايَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015