قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَعَلَيْهَا إصْلَاحُ طَعَامِ الصَّبِيِّ)؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ الصَّبِيِّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنْهُ عُرْفًا وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ وَغَسْلُ ثِيَابِهِ مِنْهُ وَالطَّعَامُ وَالثِّيَابُ عَلَى الْوَالِدِ وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّ الدُّهْنَ وَالرَّيْحَانَ عَلَى الظِّئْرِ فَهُوَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ فَلَا أَجْرَ) لِأَنَّهَا لَمْ تَأْتِ بِالْعَمَلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا وَهُوَ الْإِرْضَاعُ، وَهَذَا إيجَارٌ وَلَيْسَ بِإِرْضَاعٍ وَهُوَ غَيْرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَاةً لِتُرْضِعَ جَدْيًا أَوْ صَبِيًّا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ لِلَبَنِ الْبَهَائِمِ قِيمَةً فَوَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَلَا يَجُوزُ وَلَيْسَ لِلَبَنِ الْمَرْأَةِ قِيمَةٌ فَلَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَقَعُ عَلَى فِعْلِ الْإِرْضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ وَالْحَضَانَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ دَفَعَ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ بِنِصْفِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ طَعَامَهُ بِقَفِيزٍ مِنْهُ أَوْ لِيَخْبِزَ لَهُ كَذَا الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ)؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ جَعَلَ الْأَجْرَ بَعْضَ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ فَيَصِيرُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعَلَيْهَا إصْلَاحُ طَعَامِ الصَّبِيِّ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْكَرْخِيِّ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ الطَّعَامَ فَلَيْسَ عَلَى الظِّئْرِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ الطَّعَامَ وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى أَهْلِهِ وَعَلَيْهَا أَنْ تُهَيِّئَهُ لَهُ. اهـ.

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ فَلَا أَجْرَ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيِّ فِي شَرْحِ الْكَافِي، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا تُرْضِعُ صَبِيًّا فِي بَيْتِهَا فَجَعَلَتْ تُوجِرُهُ بِلَبَنِ الْغَنَمِ وَتَغْذُوهُ بِكُلِّ مَا يُصْلِحُهُ حَتَّى اسْتَكْمَلَ الْحَوْلَيْنِ وَلَهَا لَبَنٌ لَمْ تُرْضِعْهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَوْ لَيْسَ لَهَا لَبَنٌ فَلَا أَجْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُرْضِعْهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِرْضَاعَ مَا يَقَعُ بِلَبَنِ الْآدَمِيِّ وَمَا وَرَاءَهُ يَكُونُ إطْعَامًا وَلَا يَكُونُ إرْضَاعًا فَلَمْ تَأْتِ بِالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ، فَإِنْ جَحَدَتْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ أَرْضَعْته فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَبْقَى إلَّا إذَا أُرْضِعَ بِلَبَنِ الْآدَمِيِّ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَيُؤْخَذُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ أُخِذَتْ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ اسْتِحْقَاقَ الْأَجْرِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَتْ لَهُ ظِئْرًا، فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ كَانَ مِثْلَ هَذَا فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْأَجْرُ. وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إرْضَاعُهَا، وَقَدْ فُقِدَ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْإِرْضَاعِ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ بِنَفْسِهَا أَوْ بِنَائِبِهَا تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ كَمَا فِي الْخِيَاطَةِ وَأَشْبَاهِهَا وَتَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ زِيَادَةً لَا عَلَى عَمَلٍ مِنْهَا. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَقَعُ عَلَى فِعْلِ الْإِرْضَاعِ إلَخْ) قَالَ شَيْخِي صَاحِبُ النِّهَايَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحُكْمُ غَيْرَ مُسَلَّمٍ عَنْ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ، فَإِنْ قِيلَ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ ضَاعَ الصَّبِيُّ فِي يَدِهَا أَوْ وَقَعَ فَمَاتَ أَوْ سُرِقَ مِنْ حُلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ مِنْ مَتَاعِهِ أَوْ ثِيَابِهِ فِي يَدِهَا لَمْ تَضْمَنْ الظِّئْرُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِهَا فِي الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُضَمِّنُهُ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ آجَرَتْ الظِّئْرُ نَفْسَهَا مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ تُرْضِعُ صَبِيًّا لَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ أَهْلُهَا الْأَوَّلُونَ حَتَّى يَفْسَخُوهَا فَأَرْضَعَتْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفَرَغَتْ فَقَدْ أَثِمَتْ وَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهَا وَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ، وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَإِلَّا لَمَا وَجَبَ الْأَجْرُ كَامِلًا، وَلَوْ وَجَبَ الْأَجْرُ كَامِلًا يَنْبَغِي أَنْ لَا تَأْثَمَ قُلْنَا الْوَجْهُ أَنَّ أَجِيرَ الْوَحَدِ فِي الرَّضَاعِ يُشْبِهُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُمْكِنُهُ إيفَاءُ الْعَمَلِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْخَيَّاطِ ثُمَّ لَوْ كَانَتْ أَجِيرَ وَحَدٍ حَقِيقَةً لَمْ تَسْتَحِقَّ الْأَجْرَ كَامِلًا فَلِشَبَهِهَا بِالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ تَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَامِلًا وَلِشَبَهِهَا بِأَجِيرِ الْوَحَدِ تَأْثَمُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخِي صَاحِبُ النِّهَايَةِ اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ الظِّئْرُ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ هَلْ هِيَ أَجِيرٌ وَحَدٌ أَوْ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ؟ تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِيهَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيِّ فِي شَرْحِ الْكَافِي الَّذِي هُوَ مَبْسُوطُهُ وَالْمَسَائِلُ مُتَعَارِضَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى أَجِيرِ الْوَحَدِ وَبَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ دُفِعَ الْوَلَدُ إلَيْهَا لِتُرْضِعَهُ فَهِيَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ، وَإِنْ حَمَلَهَا إلَى مَنْزِلِهِ فَهِيَ أَجِيرٌ وَحَدٌ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالظِّئْرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ الْأَوَّلِينَ. اهـ.

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ دَفَعَ) بِلَا ضَمِيرٍ كَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ، وَلَوْ دَفَعَهُ بِالضَّمِيرِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ دَفَعَ غَزْلًا إلَخْ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ يَحُوكُهُ ثَوْبًا عَلَى النِّصْفِ قَالَ هَذَا بَاطِلٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلٍ وَالثَّوْبُ لِصَاحِبِ الْغَزْلِ. إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ حِمَارًا أَوْ رَجُلًا يَحْمِلُ طَعَامًا بِقَفِيزٍ مِنْهُ مَحْمُولًا، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ طَحَّانًا يَطْحَنُ طَعَامًا بِقَفِيزِ دَقِيقٍ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَكَانَ مَشَايِخُ بَلْخٍ يُجِيزُونَ ذَلِكَ مِثْلَ نَصِيرِ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، وَقَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى حَائِكٍ غَزْلًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا وَبَيَّنَ صِفَتَهُ عَلَى أَنَّ ثُلُثَهُ أَوْ رُبْعَهُ لِلْحَائِكِ أَجْرًا لِعَمَلِهِ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُفْتِي بِجَوَازِهِ بِنَسَفَ بِحُكْمِ الْعُرْفِ قَالَ وَالْفَتْوَى عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْخُلَاصَةِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحَرْثِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ إبْرَاهِيمُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَالْحَكَمُ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الثَّوْبَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا فَسَادُ الْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَلِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ الْأَجْرَ شَيْئًا مَعْدُومًا وَمَا هُوَ بَعْضُ الثَّوْبِ وَبَعْضُ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ وَالْأَجْرُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا فَكَانَ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ حِنْطَةً إلَى طَحَّانٍ يَطْحَنُهَا بِقَفِيزٍ مِنْ دَقِيقٍ هَذِهِ الْحِنْطَةُ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ كِتَابِ الْآثَارِ مُسْنَدًا إلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «مَرَّ بِحَائِطٍ فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَأْجَرْته فَقَالَ لَا تَسْتَأْجِرْهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ».

وَالثَّانِي أَنَّ الْعَمَلَ لِحُكْمِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ إنْ صَادَفَتْ مَحَلًّا غَيْرَ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الِابْتِدَاءِ فَفِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015