أَيْ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَالُوا مَعْنَى تَسْمِيَةِ الطَّعَامِ دَرَاهِمَ أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يَدْفَعَ الطَّعَامَ مَكَانَهُ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إنْ سَمَّى بَدَلَ الطَّعَامِ دَرَاهِمَ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ لَكِنْ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ أَعْطَى بَدَلَ الدَّرَاهِمِ طَعَامًا، وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ سَمَّى بَدَلَ الطَّعَامِ دَرَاهِمَ لَا غَيْرُ، وَلَوْ سَمَّى الطَّعَامَ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ وَوَصْفَهُ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَأْجِيلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ الْمَوْصُوفَةَ فِي الذِّمَّةِ أَثْمَانٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا بَلْ يَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خِلَافًا لَهُمَا، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي السَّلَمِ وَفِي الْكِسْوَةِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْأَجَلِ أَيْضًا مَعَ بَيَانِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ إلَّا سَلَمًا فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شَرَائِطُ السَّلَمِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا) لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ إبْطَالِهِ، وَلِهَذَا كَانَ الزَّوْجُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ يَشِينُهُ إجَارَتُهَا بِأَنْ كَانَ وَجِيهًا بَيْنَ النَّاسِ أَوْ لَمْ يَشِنْهُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَأَنْ يَمْنَعَ الصَّبِيَّ الدُّخُولَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الْإِرْضَاعَ وَالسَّهَرَ بِاللَّيْلِ يُضْعِفُهَا وَيُذْهِبُ جَمَالَهَا فَكَانَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ، كَمَا يَمْنَعُهَا مِنْ الصِّيَامِ تَطَوُّعًا لَكِنْ إذَا ثَبَتَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِإِقْرَارِهِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا إذَا أَقَرَّتْ الْمَنْكُوحَةُ الْمَجْهُولَةُ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ تَصِيرُ رَقِيقًا وَلَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّ بُطْلَانِ النِّكَاحِ وَلَكِنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ مَرِضَتْ أَوْ حَبِلَتْ) (فَسَخَتْ) أَيْ إذَا حَبِلَتْ الْمُرْضِعَةُ أَوْ مَرِضَتْ تَفْسَخُ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْحُبْلَى وَالْمَرِيضَةِ يَضُرُّ بِالصَّغِيرِ وَهِيَ يَضُرُّهَا أَيْضًا الرَّضَاعُ فَكَانَ لَهَا وَلَهُمْ الْخِيَارُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا وَعَنْ الصَّبِيِّ، وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ وَالْإِجَارَةُ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ، وَكَذَا لَوْ تَقَيَّأَ لَبَنَهَا لِأَهْلِهِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ سَارِقَةً؛ لِأَنَّهُمْ يَخَافُونَ عَلَى مَتَاعِهِمْ وَعَلَى حُلِيِّ الصَّبِيِّ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ فَاجِرَةً بَائِنًا فُجُورُهَا؛ لِأَنَّهَا تَشْتَغِلُ عَنْهُ بِالْفُجُورِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ كَافِرَةً؛ لِأَنَّ كُفْرَهَا فِي اعْتِقَادِهَا وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِالصَّبِيِّ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ عَيْبُ الْفُجُورِ فِي هَذَا فَوْقَ عَيْبِ الْكُفْرِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَانَ فِي نِسَاءِ بَعْضِ الرُّسُلِ كَامْرَأَتَيْ نُوحٍ وَلُوطٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَمَا بَلَغَتْ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ هَكَذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَكَذَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَأْخُذُ ثَدْيَهَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ وَلِلظِّئْرِ أَيْضًا أَنْ تَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا كَانَ يَحْصُلُ لَهَا الْأَذَى مِنْهُمْ، وَكَذَا إذَا لَمْ تَجْرِ لَهَا عَادَةٌ بِإِرْضَاعِ وَلَدِ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَا لَا تَعْرِفُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ مَا تُبْلَى بِهِ مِنْ الْمُقَاسَاةِ وَالسَّهَرِ، فَإِذَا جَرَّبَتْ ذَلِكَ وَعَرَفَتْ أَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِهِ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ، وَكَذَا إذَا عَيَّرُوهَا بِهِ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِهِ عَلَى مَا قِيلَ: تَجُوعُ الْحُرَّةِ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيِهَا، وَلَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ أَوْ الظِّئْرُ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ، وَلَوْ مَاتَ أَبُو الصَّبِيِّ لَا تُنْتَقَضُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَاقِعَةٌ لِلصَّبِيِّ لَا لِلْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ تَجِبُ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِهِ إذْ هِيَ كَالنَّفَقَةِ، وَلَوْ سَافَرَتْ الظِّئْرُ أَوْ أَهْلُ الصَّبِيِّ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ إلَّا إذَا خَرَجَ الْآخَرُ مَعَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ لِأَنَّ لَهُ حَمْلًا وَمُؤْنَةً اهـ غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْكِسْوَةِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْأَجَلِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَمَّا الْكِسْوَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْأَجَلِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ ثَمَنًا بِكُلِّ حَالٍ

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْكَافِي، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ رَضِيَ بِالْإِجَارَةِ فَأَرَادُوا مَنْعَهُ مِنْ غَشَيَانِهَا مَخَافَةَ الْحَبَلِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا ضَرَرٌ مَوْهُومٌ وَالْمَنْعُ مِنْ الْوَطْءِ ضَرَرٌ مُحَقَّقٌ وَتَحَمُّلُ الضُّرِّ النَّاجِزِ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مَوْهُومٍ أَمْرٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ) فَإِنْ لَقِيَهَا فِي مَنْزِلِهِ فَلَهُ غَشَيَانُهَا وَلَا يَسَعُ الظِّئْرَ أَنْ تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا وَلَا يَسَعُ أَهْلَ الصَّبِيِّ أَنْ يَمْنَعُوهَا مِنْ ذَلِكَ. اهـ. غَايَةٌ

. (قَوْلُهُ إذَا حَبِلَتْ الْمُرْضِعَةُ أَوْ مَرِضَتْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ) قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَيْسَ لِلظِّئْرِ وَلَا لِلْمُسْتَرْضِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَهُمْ الْخِيَارُ) أَيْ لِأَهْلِ الصَّبِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ فَاجِرَةً) أَيْ زَانِيَةً اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَشْتَغِلُ عَنْهُ بِالْفُجُورِ) أَيْ عَنْ حِفْظِ الصَّبِيِّ غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ عَيْبُ الْفُجُورِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّيْسِيرِ وقَوْله تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} [التحريم: 10] أَيْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْكَافِرِينَ تَنْبِيهًا أَنَّهُمْ لَا يَنْفَعُهُمْ الْوَصْلَةُ بِالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَفِيهِ نَوْعُ تَنْبِيهٍ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ وَصْلَتَهُنَّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تُغْنِيهِنَّ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا إذَا عَصَيْنَ وَخَالَفْنَ الْأَمْرَ وقَوْله تَعَالَى {كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ} [التحريم: 10] أَيْ فِي نِكَاحِ عَبْدَيْنِ صَالِحَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا اسْتَصْلَحْنَاهُمْ الِلنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ {فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم: 10] أَيْ فِي الدِّينِ أَيْ كَفَرَتَا وَلَمْ يُسْلِمَا وَلَمْ يَنْصَحَا لِلرَّسُولَيْنِ بِالْمُسَاعِدَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ كَانَتَا مُنَافِقَتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَانَتَاهُمَا بِالنِّفَاقِ وَلَمْ تَفْجُرْ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ اهـ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا لَمْ تَجْرِ لَهَا عَادَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَلَا يَسَعُ الظِّئْرَ أَنْ تُطْعِمَ أَحَدًا مِنْ طَعَامِهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ لَهَا حَقُّ الْأَكْلِ دُونَ الْإِطْعَامِ فَإِنْ زَارَهَا أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهَا فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الْكَيْنُونَةِ عِنْدَهَا، وَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهَا مِنْ الزِّيَارَةِ إذَا كَانَتْ تَضُرُّ بِالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهَا تُخِلُّ بِإِيفَاءِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهَا؛ لِأَنَّ صِلَةَ الْأَقَارِبِ وَاجِبَةٌ فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهَا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا خَرَجَ الْآخَرُ مَعَهُ) قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْبِسُوا الظِّئْرَ فِي مَنْزِلِهِمْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ عَلَيْهَا وَلَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ إلَى مَنْزِلِهَا وَهِيَ مَأْمُونَةٌ عَلَيْهِ وَفِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ كِسْوَةٍ إنْ سُرِقَ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ تَضْمَنْهُ اهـ أَتْقَانِيٌّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015