يَنْقُصَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ إلَّا بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْمَاضِي وَالْآخَرِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ كَالنِّكَاحِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَبَّرَ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ الْمُفَاسَخَةِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ الْمُتَارَكَةِ لَا تَكُونُ فَسْخًا ثُمَّ فَائِدَةُ كَوْنِ الْإِقَالَةِ فَسْخًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ تَظْهَرُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ إحْدَاهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَمَا سَمَّيَا بِخِلَافِهِ يَكُونُ بَاطِلًا وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا فِي حَقِّهِمَا لَفَسَدَتْ، وَالثَّالِثَةُ إذَا تَقَايَلَا وَلَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ حَتَّى بَاعَهُ مِنْهُ ثَانِيًا جَازَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَفَسَدَ لِكَوْنِهِ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا وَالرَّابِعَةُ إذَا وَهَبَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَانْفَسَخَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهِبَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَالْخَامِسَةُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَقَدْ بَاعَهُ مِنْهُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَاسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعِيدَ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ جَازَ قَبْضُهُ وَقَوْلُهُ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ تَقَايَلَا يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَالثَّانِيَةُ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي حَقِّهِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالثَّالِثَةُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَقَبَضَهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى بَاعَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا وَعَادَ إلَى الْمُشْتَرِي فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ وَكَانَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ كَالْمَمْلُوكِ بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَالرَّابِعَةُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَوْهُوبًا فَبَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ فِي حَقِّ الْوَاهِبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ، وَالْخَامِسَةُ إذَا اشْتَرَى بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ بَعْدَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَاسْتَرَدَّ الْعُرُوضَ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ وَهُوَ الْفَقِيرُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إقَالَةٌ وَقَوْلُهُ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَوْلُهُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ غَيْرُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا فِيمَا هُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ وَهُوَ مَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ بِشَرْطٍ زَائِدٍ فَالْإِقَالَةُ فِيهِ تُعْتَبَرُ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَيْضًا كَمَا إذَا اشْتَرَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عَيْنًا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثُمَّ تَقَايَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ حَالًّا كَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَكَمَا إذَا تَقَايَلَا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُهُ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ فَسْخًا لَقُبِلَتْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَادَّعَى الْمَبِيعَ رَجُلٌ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْفَسْخِ عَادَ مِلْكُهُ الْقَدِيمُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَلَقِّيًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِطَعَامٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَقَبَضَ ثُمَّ تَقَايَلَا لَا يَتَعَيَّنُ الطَّعَامُ الْمَقْبُوضُ لِلرَّدِّ كَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِطَعَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَكَذَا لَوْ قَبَضَ أَرْدَأَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ يَجِبُ رَدُّ مِثْلِ الْمَشْرُوطِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُ الْمَشْرُوطِ لَلَزِمَهُ زِيَادَةُ ضَرَرٍ بِسَبَبِ تَبَرُّعِهِ وَلَوْ كَانَ الْفَسْخُ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ تَعَيَّبَ بِقَضَاءٍ يَجِبُ رَدُّ الْمَقْبُوضِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ يَمْنَعُ) أَيْ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ قِيَامُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا رَفْعُ الْعَقْدِ وَالْعَقْدُ يَقُومُ بِهِ وَهُوَ مَحَلٌّ لَهُ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ هَلَاكِهِ بِخِلَافِ هَلَاكِ الثَّمَنِ حَيْثُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ الْمُفَاسَخَةِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ الْمُتَارَكَةِ لَا تَكُونُ) إلَى هُنَا لَفْظُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ بَيْعًا وَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُهَا بَيْعًا بَلْ تَكُونُ إلَخْ هَذَا الْمُلْحَقُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِيَصِحَّ قَوْلُهُ فَسْخًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ) لَعَلَّهُ يَسْتَرِدَّ وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَفِي شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ وَغَيْرِهِ يَسْتَرِدُّ اهـ لَكِنَّ الَّذِي وُجِدَ بِخَطِّ الشَّارِحِ يَرُدُّ. اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى بَاعَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَنْقُولٍ جَازَ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ جَازَ قَبْضُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَيْعًا لَمَا جَازَ قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعِيدَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ اهـ (قَوْلُهُ: تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ) سَاقَهَا الْقِوَامُ الْأَتْقَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْكَمَالُ أَرْبَعَةً فَأَسْقَطَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ الثَّانِيَةَ وَالْخَامِسَةَ وَزَادَا مَسْأَلَةَ مَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ صَرْفًا الَّتِي نَقَلْتهَا فِيمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَالرَّابِعَةُ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ) أَيْ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَقَايَلَا) أَيْ فَعَادَ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: جَازَ وَكَانَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ كَالْمَمْلُوكِ بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ إلَخْ) وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي جَوَازِ شِرَاءِ مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعَةُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَوْهُوبًا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَثَمَرَةُ كَوْنِهَا بَيْعًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا تَظْهَرُ فِي مَوَاضِعَ وَسَاقَهَا أَرْبَعَةً وَذَكَرَ مِنْهَا أَنَّ الْبَيْعَ لَوْ كَانَ صَرْفًا فَالتَّقَابُضُ فِي كِلَا الْجَانِبَيْنِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِقَالَةِ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الشَّرِيعَةِ كَبَيْعٍ جَدِيدٍ وَتَبِعَهُ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذِكْرِهَا أَرْبَعَةٌ مِنْهَا مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ الْمَذْكُورَةُ آنِفًا وَإِذَا زِيدَتْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَكُونُ الْمَسَائِلُ سِتًّا فَتَنَبَّهْ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ إلَخْ وَهَلَاكُ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ) هُوَ مِنْ الْمَتْنِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ الشَّارِحُ.