وانتهت الخلافة الراشدة بتنازل الإمام الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عن الجميع-، عام 41هـ، وبدأت في تاريخ الأمة الإسلامية مرحلة جديدة.
وفي هذه المرحلة لم تستقر حياة الأمة الإسلامية في كل جوانبها - على الأفق الأعلى الذي كان وقت حياة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخلفائه الراشدين- ولكنها ظلت مع ذلك عالية بالنسبة لكل ما عرفته الأرض من نظم وقيم وحضارات (?) «فليس صحيحا ما اندس في أوهام الكثيرين من أن الإسلام قد انتهى بعد فترة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء الراشدين، الصحيح - فقط - أن الفترة المثالية قد انتهت وبدأت فترة عادية من تاريخ الإسلام» (?).
ومع بداية الحكم الأموي، بدأت مرحلة الملك العضوض، بنظامه الوراثي ومظالمه، وبدأ أول كسر في المبادئ الإسلامية في سياسة الحكم، وسياسة المال، رافق ذلك التخلي التدريجي من مجموع الأمة عن مراقبة أعمال الحكام، وانصرافها التدريجي إلى أمورها الخاصة (?).
وعلى الرغم من هذا كله فقد كان حجم الانحراف على عهد الأمويين محدودا على أي حال، وإن بدا مجسما غليظا حين يقاس بعهد الذروة (العهد النبوي، والخلافة الراشدة) الذي يبدو كل شيء صغيرا حين يقاس إليه، فقد كانت الأمة على عقيدتها الصحيحة، وأخلاقها المتينة، فاتسعت الفتوحات الإسلامية حتى وصل المسلمون إلى أبواب القسطنطينية، وامتدت دعوة الإسلام إلى الهند شرقا، وإلى الشمال الإفريقي غربا، وقويت دولة الإسلام حتى غدت قوة يرهبها أعداؤها، ويعملون لها ألف حساب (?).