واللازم إنشاء «دولة إسلامية» على قواعد متينة وأسس راسخة, فكانت أولى خطواته المباركة بناء المسجد الجامع, ثم أصدر الوثيقة للمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار والمعاهدة مع اليهود، ولم يمض الوقت طويلا حتى شكل جيشا إسلاميا مجاهدا لحماية الدولة والسعي على تحقيق أهدافها، لقد قدر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظرفه وزمانه ومكانه, واستطاع أن يقود أصحابه نحو التمكين معتمدا على الله تعالى وشارعا في الأخذ بالأسباب الأمنية، والتربوية، والسياسية، والإعلامية والاقتصادية، والعسكرية, وترك لنا معالم نيرة في مغازيه الميمونة، ودروسا عظيمة في كيفية تحقيق النصر على الأعداء والتمكين لدين الله تعالى، فبدأ بالسرايا فحققت أهدافها، ومضى يحاصر قوى البغي والكفر والضلال حتى فتحت مكة, ومن ثم وحدت جزيرة العرب وأثناء ذلك كان يوجه الضربات المحكمة إلى الوثنية في كل مكان وإلى اليهود الذين نقضوا العهود وإلى ملوك الأرض بدعوتهم للإسلام، وتم الفتح الأكبر بفتح مكة الذي ترتب عليه نتائج من أهمها:
1 - دخول مكة تحت نفوذ المسلمين وزوال دولة الكفر وانطلقت كتائب الإسلام بعد ذلك لتحطيم بعض الجيوش في حنين والطائف، ومن ثم إلى العالم أجمع.
2 - تطهير الكعبة من الأصنام وإنهاء الوثنية في مكة بعد أن دمرت أصنام القلوب وأصلحت العقائد الفاسدة والتصورات المنحرفة.
3 - استخدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسلوب العفو عند المقدرة فأعلن العفو العام وأحسن إلى أهل مكة مما كان سببا في دخول كثير من زعمائهم الإسلام وتمكن الإيمان من قلوبهم من أمثال عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية.
4 - أصبح المسلمون قوة عظمى في جزيرة العرب، وبعد فتح مكة، وتحقق أمنية الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدخول قريش في الإسلام، برزت قوة كبرى في الجزيرة العربية لا يستطيع أي تجمع قبلي الوقوف في وجهها وهي مؤهلة لتوحيد العرب