إن طبيعة مرحلة المغالبة تختلف عن سواها من المراحل، ومجمل طبيعة هذه المرحلة يكمن في أنها: مرحلة الجهاد المتواصل، والصبر على الابتلاء، والإصرار على مواصلة السعي في الطريق، حتى تتحقق إحدى الحسنيين: النصر، والتمكين لدين الله في عباد الله، أو الحصول على الشهادة في سبيل الله، كما لابد في هذه المرحلة من كمال الطاعة ولابد من الالتزام بتحقيق الأهداف المرسومة، ويمكننا القول بأن طبيعة هذه المرحلة يكمن في كلمة واحدة: الجهاد، ونعني به: الجهاد بكل أنواعه: جهاد اللسان، وجهاد العمل في كل مجالاته، وجهاد قتال أعداء الله، وجهاد المرابطة في سبيل الله، وجهاد الاستعداد لكل معركة في سبيل الله، وجهاد لكل عمل يتطلبه الإسلام، ولابد لكل فرد وصل إلى هذه المرحلة أن يكون جهده ووقته وماله في سبيل الله (?).

وفي هذه المرحلة تكون الجماعة الإسلامية القائمة على أمر الدعوة الإسلامية قد اقتفت سنة الأنبياء والرسل في دعوة الأمم, فحرصت على غرس الإيمان في النفوس وتوطيد العقيدة في القلوب, ففي الحرص على هذا الأصل العظيم سعادة للناس في الدنيا والآخرة, قال سيد قطب - رحمه الله -: «ظل القرآن المكي ينزل على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة عشر عاما كاملة يحدثه فيها عن قضية واحدة لا تتغير، ولكن طريقة عرضها لا تكاد تتكرر، لقد كان يعالج القضية الأولى، والقضية الكبرى، والقضية الأساسية في هذا الدين الجديد، قضية العقيدة، ممثلة في قاعدتها الرئيسية: الألوهية والعبودية وما بينهما من علاقة .. ولم يتجاوز القرآن المكي هذه القضية الأساسية إلى شيء يقوم عليها من التعريفات المتعلقة بنظام الحياة إلا بعد أن علم الله أنها قد استوفت ما تستحقه من البيان, وأنها استقرت استقرارًا متينًا ثابتًا في قلوب العصبة المختارة من بني الإنسان التي قدر الله أن يقوم هذا الدين عليها، وأن تتولى هي إنشاء النظام الواقعي الذي يتمثل فيه هذا الدين» (?)، إن الاهتمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015