يكون القائم به فردا أو جماعة، وأن يستهدف شأنا من شئون السلم أو في شئون الحرب، وإذا كان التخطيط - اصطلاحا - من مستحدثات العصر فإنه معنى يضرب بجذوره في أعماق القدم، قد اقترن بحياة الفرد وحياة المجتمع منذ كان الإنسان على الأرض، فقد شاء الله
-سبحانه وتعالى- أن يزوده بهذه القدرة المستمدة من العقل لحفظ الجنس البشري حتى تستمر الحياة عبر مراحل نموها المتعاقبة، وكل امرئ خلقه الله في هذه الحياة يباشر التخطيط تلقائيا في جميع خطواته وفي مختلف تصرفاته دون أن يدري المدلول العلمي
لما يقوم به.
فالصانع والزارع والعامل كل منهم يخطط ليومه وغده، إذ يحدد مطالبه والتزاماته ويحدد قدراته على الوفاء بها مستعينا في ذلك بحصيلة تجاربه السابقة, ومقدرا للظروف الطارئة المحتملة، وهكذا فالتخطيط لابد أن يكون الإنسان مستخدما له في سائر حياته لكي يستطيع أن يصل إلى أهدافه المرجوة (?).
إن التخطيط من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولذلك استخدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التخطيط في كل مراحل دعوته, إيمانه منه بأن التخطيط أساس من الأسس في إنجاح أي عمل من الأعمال، ولابد منه للبلوغ إلى المقصود وأنه ركيزة أساسية يقوم عليها هذا الدين، ولذلك فإن الإسلام قد دعانا إلى الأخذ به، بل وجعله نظاما لحياة المسلمين لأنه ضرورة لابد منها (?)، وهذا ينسجم مع الفهم الصحيح لمعنى التوكل على الله
والإيمان بالقدر.
(إن العمل الإسلامي اليوم يتصدى لتحقيق أشرف وأعظم إنجاز في دنيانا, وهو التمكين لدين الله في الأرض وإقامة الخلافة الإسلامية على رأس دولة الإسلام العالمية، التي تجمع كلمة المسلمين، وتحكم شرع الله في الأرض، وتسترد كل شبر أرض اغتصبت من الوطن الإسلامي، بل وتكسب أرضا جديدة