وعلى المختصين في جوانب الحياة من الكوادر الاقتصادية، والسياسية، والطبية، والعسكرية أن يبينوا واقع تخصصاتهم إلى العلماء الربانيين حتى يطبق العلماء الحكم الشرعي على الوقائع المتجددة.
وهناك ملاحظة مهمة، ألا وهي أن العلماء جاء اعتبارهم عن طريق الشرع فإنه لا يرفع هذا الاعتبار إلا الشرع, فإذا قارف العالم عملا أو قال قولا يخرم دينه، ويجعله غير أهل لإمامة الأمة، ولا يستحق أن يكون على رأس قيادتها فإنه يزال عنه اعتبار طاعته وأخذ قوله، وأما إذا كان رفع اعتبار هذا العالم جاء من جهة عدم رضا الناس برأيه أو عزله، أو حسد قرنائه له، فإن ذلك ليس هادما لاعتباره، وإلا لهدمنا اعتبار أئمة الهدى
- من أمثال: أحمد بن حنبل، وابن تيمية، وغيرهما رحمهم الله - الذين مروا بأحوال وأزمان لم يعتبر الناس لهم فيها رأيا حتى أيدهم الله بتأييده (?).
إن العلماء في مسيرة الحياة الإسلامية دائما وأبدا يتصدرون شعوبهم وأممهم, وبهم تقام الدول ويمكن لشرعه على أيديهم وإليهم المرجع عند الفتن والملاحم والمحن، فلابد من إعطاء العلماء الربانيين المستوعبين لواقعهم العاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والملمين بتاريخ الأمم والدول والشعوب دورهم الطبيعي في الأمة عموما وفي الحركات الإسلامية خصوصا فهذا من فقه التمكين.
ولا شك أننا اليوم في محنة عظيمة وفتن أليمة كقطع الليل المظلم ومن شأن الفتن أن تشتبه الأمور فيها، ويكثر الخلط وتزيغ الأفهام والعقول, والحكمة حينذاك إنما هي للجماعة التي يمثل العلماء رأسها، فالواجب على الناس: الراعي والرعية الأخذ برأي العلماء والصدور عن قولهم، لأن اشتغال عموم الناس بالفتن وإبداء الرأي فيها ينتج عنه مزيد فتنة وتفرق للأمة، فالأمور العامة من الأمن أو الخوف مردها إلى أهل العلم والرأي, يقول الله عز وجل: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمْنِ أَوِ