يقول الإمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله -: «والتحقيق أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف وما أوجبه العلم، فكما أن طاعة العلماء تبع لطاعة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فطاعة الأمراء تبع لطاعة لعلماء، ولما كان قيام الإسلام بطائفتي العلماء والأمراء، وكان الناس لهم تبعا، كان صلاح العالم بصلاح هاتين الطائفتين، وفساده بفسادهما» (?).
الدليل الثاني: أن الله - سبحانه وتعالى - أوجب الرجوع إليهم وسؤالهم عما أشكل قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7].
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره - رحمه الله -: (وعموم هذه الآية، فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه: العلم بالكتاب المنزل، فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث, وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعية) (?).
الدليل الثالث: أن الله - سبحانه وتعالى - عظم قدرهم فأشهدهم دون غيرهم على أعظم مشهود.
يقول سبحانه: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18].
قال العلامة السعدي - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: (وفي هذه الآية فضيلة العلم والعلماء، لأن الله خصهم بالذكر من دون البشر، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وجعل شهادتهم من أكبر الأدلة والبراهين على توحيده ودينه، وجزائه, وأنه يجب على المكلفين قبول هذه الشهادة العادلة الصادقة.