آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [يونس:9].

ذهبت طائفة من المفسرين إلى أن المراد بالإيمان هنا الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا .. وقد أورد الإمام الطبري أقوال مجموعة من التابعين في هذا المعنى, منها قول ابن جريج: (يهديهم ربهم بإيمانهم قال: يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة, يعارض صاحبه ويبشره بكل خير, فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك! فيجعل له نورًا من بين يديه حتى يدخله الجنة, فذلك قوله: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ" والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة, فيلازم صاحبه ويلازمه حتى يقذفه في النار) (?). وهناك آيات أخرى أطلقت على الإيمان عبارات أخرى تشير إلى العمل وتتضمنه, أورد الإمام البخاري في صحيحه بعضها.

منها قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان:77].

قال البخاري: (دعاؤكم: إيمانكم ... ومعنى الدعاء في اللغة: (الإيمان).

وجعل ابن عباس رضي الله عنهما الدعاء بمعنى الإيمان قال: (لولا دعاؤكم: إيمانكم) (?).

ومن هذه الآيات قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177].

فالآية اعتبرت هذه الخصال تصديقًا وإيمانًا, وجعلت أعمال البر هذه من الإيمان. ووجه الدلالة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015