الْأَوَّلُ: لَهُ يَعْنِي نَاظِرَ الْمَظَالِمِ مِنْ الْقُوَّةِ وَالْهَيْبَةِ مَا لَيْسَ لَهُمْ.

الثَّانِي: أَنَّهُ أَفْسَحُ مَجَالًا وَأَوْسَعُ مَقَالًا.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ مِنْ الْإِرْهَابِ وَكَشْفِ الْأَشْيَاءِ بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ وَشَوَاهِدِ الْأَحْوَالِ اللَّائِحَةِ مِمَّا يُؤَدِّي إلَى ظُهُورِ الْحَقِّ بِخِلَافِهِمْ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُقَابِلُ مَنْ ظَهَرَ ظُلْمُهُ بِالتَّأْدِيبِ بِخِلَافِهِمْ.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ يَتَأَنَّى فِي تَرْدَادِ الْخُصُومِ عِنْدَ اللَّبْسِ، لِيُمْعِنَ فِي الْكَشْفِ بِخِلَافِهِمْ إذَا سَأَلَهُمْ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فَصْلَ الْحُكْمِ لَا يُؤَخِّرُهُ.

السَّادِسُ: لَهُ رَدُّ الْخُصُومِ إذَا أُعْضِلُوا إلَى وَسَاطَةِ الْأُمَنَاءِ لِيَفْصِلُوا بَيْنَهُمْ صُلْحًا عَنْ تَرَاضٍ، وَلَيْسَ لِلْقُضَاةِ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمَيْنِ.

السَّابِعُ: لَهُ أَنْ يَفْسَخَ فِي مُلَازَمَةِ الْخَصْمَيْنِ إذَا وَضَحَتْ أَمَارَاتُ. التَّجَاحُدِ، وَيَأْذَنَ فِي إلْزَامِ الْكَفَالَةِ فِيمَا يَشْرَعُ فِيهِ التَّكَفُّلُ، لِيَنْقَادَ الْخُصُومُ إلَى التَّنَاصُفِ وَيَتْرُكُوا التَّجَاحُدَ بِخِلَافِهِمْ.

الثَّامِنُ: أَنَّهُ يَسْمَعُ شَهَادَةَ الْمَسْتُورِينَ بِخِلَافِهِمْ.

التَّاسِعُ: لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الشُّهُودَ إنْ ارْتَابَ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ.

الْعَاشِرُ: أَنْ يَبْتَدِئَ بِاسْتِدْعَاءِ الشُّهُودِ وَسُؤَالِهِمْ عَمَّا عِنْدَهُمْ فِي الْقَضِيَّةِ بِخِلَافِهِمْ، لَا يَسْمَعُونَ الْبَيِّنَةَ حَتَّى يُرِيدَ الْمُدَّعِي إحْضَارَهَا، وَلَا يَسْمَعُونَهَا إلَّا بَعْدَ مَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي لِسَمَاعِهَا، وَهَذَا تَلْخِيصُ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي أَنَّ لِلْقَاضِي تَعَاطِيَ أَكْثَرِ هَذِهِ الْأُمُورِ، فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَشْتَدَّ حَتَّى يَسْتَنْطِقَ الْحَقَّ، وَلَا يَدَعَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا، وَيَلِينَ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، نَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ فِي الْمُقْنِعِ، وَهَذَا نَصٌّ فِي اسْتِعْمَالِ الْقُوَّةِ وَالْهَيْبَةِ.

وَأَمَّا الْأَخْذُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ أَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَهَبَ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى الْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ، وَذَلِكَ مُسْتَنِدٌ إلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26] الْآيَةَ، وَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ بِالْأَمَارَاتِ وَالْقَرَائِنِ فِي وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَقَدْ أَفْرَدْت لَهَا بَابًا سَبَقَ ذِكْرُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015