[الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعُدُولِ لِلضَّرُورَةِ]

وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ فِي كِتَابِهِ الِاسْتِغْنَاءُ: حَكَى بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الثِّقَاتِ: أَنَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ إذَا شَهِدُوا فِي حَقٍّ لِامْرَأَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عَدْلٌ أَنْ يُسْتَكْثَرَ مِنْهُمْ وَيُقْضَى بِشَهَادَتِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ شَهَادَةَ التَّوَسُّمِ وَشَهَادَةَ الْمَجْهُولِ الْحَالِ، اتَّفَقُوا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ فِي ذَلِكَ، إلَّا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ.

فَرْعٌ: وَسُئِلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُفْتِينَ عَنْ الْقُرَى الْبَعِيدَةِ مِنْ الْمُدُنِ عَلَى الثَّلَاثِينَ مِيلًا وَالْأَرْبَعِينَ، وَفِيهَا الثَّلَاثُونَ رَجُلًا وَالْأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَقَلُّ، وَلَيْسَ فِيهِمْ عَدْلٌ مَشْهُورٌ بِالْعَدَالَةِ، وَفِيهِمْ مُؤَذِّنُونَ وَأَئِمَّةٌ وَقَوْمٌ مَوْسُومُونَ بِخَيْرٍ، غَيْرَ أَنَّ الْقُضَاةَ لَا يَعْرِفُونَهُمْ بِعَدَالَةٍ وَلَا يَجِدُونَ مَنْ يَعْرِفُهُمْ، يَجْتَمِعُونَ عَلَى الشَّهَادَةِ عِنْدَهُمْ فِي الْأَمْلَاكِ وَالدُّيُونِ وَالْمُهُورِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُخَالِفُ مِنْهُمْ أَحَدٌ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ؟ وَيُقْضَى بِهِمْ أَوْ يُتْرَكُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْظَرَ فِي أَمْرِهِمْ.

فَكَتَبَ فِي الْجَوَابِ لِكُلِّ قَوْمٍ عُدُولُهُمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْقَاضِي لَهُمْ بِنَفْسِهِ، يَعْنِي بِذَلِكَ التَّوَسُّمِ فِيهِمْ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، لِأَبِي إبْرَاهِيمَ صَاحِبِ النَّصَائِحِ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ مِنْهُمْ جَائِزَةٌ، وَيُسْتَكْثَرُ مِنْهُمْ مَا اسْتَطَاعَ وَيُقْضَى بِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَحُكِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْلَا ذَلِكَ مَا جَازَ لَهُمْ بَيْعٌ وَلَا تَمَّ لَهُمْ نِكَاحٌ وَلَا عَقْدٌ فِي شَيْءٍ.

فَرْعٌ: وَفِي الْحَاوِي فِي الْفَتَاوَى لِابْنِ عَبْدِ النُّورِ.

وَسُئِلَ اللَّخْمِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا رَأَى الْهِلَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ مِمَّنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ لَهُمْ شَهَادَةٌ، وَلَا تُرْجَى لَهُمْ تَزْكِيَةٌ فِي الْوَقْتِ، فَكَمْ قَدْرُ الْعَدَدِ الَّذِي يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ؟ فَأَجَابَ لَيْسَ لِعَدَدِ مَنْ يُصَامُ لِشَهَادَتِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ أَمْرٌ مَحْصُورٌ لَا يَتَعَدَّى إلَّا أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِمْ صَامَ النَّاسُ مَا لَمْ يَكُونُوا دُونَ الْخَمْسَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015