الْقَسَمُ الثَّالِثُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ فِي الْوَثِيقَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَوْطِنَ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشُكَّ فِي خَطِّهِ، وَلَمْ يَرَ فِي الْكِتَابِ مَحْوًا وَلَا إلْحَاقًا وَلَا شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَشْهَدْ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ دِينَارٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ، وَرَوَاهُ مُطَرِّفُ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ مُطَرِّفٌ: ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَشْهَدُ وَإِنْ عَرَفَ خَطَّهُ، حَتَّى يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أَوْ بَعْضَهَا أَوْ مَا يَدُلُّ مِنْهَا عَلَى أَكْثَرِهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهُوَ أَحْوَطُ وَالْأَوَّلُ جَائِزٌ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ الشَّهَادَةَ وَيَذْكُرَهَا.

وَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَ مَا فِي الْكِتَابِ حَرْفًا بِحَرْفِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: وَقَدْ أَثْبَتُّ غَيْرَ مَرَّةٍ بِخَطِّ يَدِي، وَلَمْ أُثْبِتْ الشَّهَادَةَ فَلَمْ أَشْهَدْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: 81] .

مَسْأَلَةٌ: أَمَّا إذَا كَانَ كِتَابُ الْوَثِيقَةِ كُلُّهُ بِخَطِّ الشَّاهِدِ، وَشَهَادَتُهُ فِي أَسْفَلِهِ وَهُوَ يَعْرِفُ خَطَّهُ، وَلَمْ يَرْتَبْ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ، فَحَكَى ابْنُ يُونُسَ الِاتِّفَاقَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ: عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ بِهِ. مِنْ التَّنْبِيهِ لِابْنِ الْمُنَاصِفِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي رَجُلٍ قَامَ بِكِتَابِ صَدَاقٍ، وَفِيهِ نَحْوُ سَطْرٍ مَمْحُوٍّ، وَفِي ذَلِكَ الْمَمْحُوِّ ذُكِرَ شَرْطُ الرَّحِيلِ، فَأَجَابَ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ: أَنَّ الْكِتَابَ يَصِحُّ كُلُّهُ غَيْرَ الشَّرْطِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ إذْ قَدْ مُحِيَ إلَّا أَنْ تُثْبِتَهُ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ حَلَفَ الزَّوْجُ بِاَللَّهِ مَا أَعْرِفُ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا شَرَطْته عَلَى نَفْسِي وَيَرْحَلُ بِزَوْجَتِهِ.

فَرْعٌ: وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَشْهَدُ حَيْثُ يُوقِنُ أَنَّهُ خَطُّ يَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ فَيَشْهَدُ، وَلَا يُعْرَفُ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا، فَإِنْ عَرَفَ الْحَاكِمُ فَلَا يَقْبَلُهَا.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: أَرَى أَنْ يُجِيزَ شَهَادَتَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا إذَا لَمْ يَرْتَبْ الشَّاهِدُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَأَمَّا إنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015