الْأَوَّلُ: يَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَقَوْلُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمَا.
مَسْأَلَةٌ وَفِي الْمُقْنِعِ: قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى وَصِيَّةٍ رَجُلٍ، فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِكَذَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى كِتَابٍ وَاحِدٍ فِيهِ ذَلِكَ لَهُمَا فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ عَلَى غَيْرِ كِتَابٍ مَكْتُوبٍ فِيهِ الْوَصِيَّةُ، فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِكَذَا، ثُمَّ قَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ: اشْهَدْ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِكَذَا، يَعْنِي الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ فَهِيَ جَائِزَةٌ لَهُمَا، وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ شَهَادَةِ الْآخَرِ.
مَسْأَلَةٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدَّمَاتِ، عَلَى مَسْأَلَةِ التَّهْذِيبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَلَامٌ فِيهِ جَمْعٌ وَتَفْصِيلٌ، رَأَيْت إثْبَاتَهُ هُنَا، قَالَ: وَأَمَّا التُّهْمَةُ الْحَاصِلَةُ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا تُبْطِلُ جُمْلَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْلُومِ فِي الْمَذْهَبِ، مِثْل أَنْ يَشْهَدَ رَجُلٌ أَنَّ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ وَلِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ سَلَفٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ يَشْهَدُ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لَهُ وَلِغَيْرِهِ بِوَصِيَّةِ مَالٍ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ، يَفْتَقِرُ تَحْصِيلُهُ إلَى تَفْصِيلٍ وَتَقْسِيمٍ وَذَلِكَ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ تَنْقَسِمُ عَلَى قِسْمَيْنِ، كُلُّ قِسْمٍ مِنْهُمَا لَا يَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ: أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي أَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَكْتُوبَةٍ، وَقَدْ أَوْصَى فِيهَا لِلشَّاهِدِ بِوَصِيَّةٍ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى لَفْظٍ بِغَيْرِ كِتَابٍ، فَيَقُولَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا لِأَحَدِ الشُّهُودِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يُشْهِدَ الْمُوصِي عَلَى وَصِيَّتِهِ، وَقَدْ أَوْصَى فِيهَا لِلشَّاهِدِ بِوَصِيَّةٍ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَا سَمَّى الشَّاهِدُ فِيهَا يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ شَهَادَةَ الْمُوصِي لَهُ لَا تَجُوزُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي الْيَسِيرِ، كَذَا يُتَّهَمُ فِي غَيْرِ الْوَصِيَّةِ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ.