وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَقَعَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: كُنْت أُدَايِنُ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَمَا ادَّعَوْا قَبْلِي فَهُمْ مُصَدَّقُونَ، أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ بِلَا يَمِينٍ عَلَى مَا ادَّعَوْا، قَالَ وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ أَقْوَى فِي سُقُوطِ الْيَمِينِ مِنْ مَسْأَلَةِ السَّمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ فِي مَرَضِهِ قَدْ حَدَّ الدَّيْنَ فِيهَا، وَلَمْ يَجِدْ الدِّينَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي السَّمَاعِ، وَأَفْتَى فِيهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ بِلُزُومِ الْيَمِينِ، وَقَالَ إنَّ الْمَالَ صَارَ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ وَانْتَقَلَ لِوَارِثِهِ، فَالْحَقُّ لَهُمْ وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ، قَالَ: وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي شَرْطِ التَّصْدِيقِ فِي الَّذِي يُلْزِمُ نَفْسَهُ التَّصْدِيقُ، فَلَهُ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ: مِنْهَا: أَنَّ الشَّرْطَ سَاقِطٌ، فَإِذَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِسُقُوطِهِ فِي حَقِّ الَّذِي يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ بِالْحَيَاةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالسُّقُوطِ فِيمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُلْزِمَهُ وَرَثَتَهُ، وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْأَصْلِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ أَوْصَى بِتَصْدِيقِهِ مُلَابَسَةٌ عَلَى أَنْ لَا يَقِفَ عَلَى مَبْلَغِهَا، فَأَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْهَا بِتَصْدِيقِهِمْ فِيهَا وَهَذَا أَصْلٌ آخَرُ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ فَاعْلَمْهُ، قَالَ: وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَكَانَ مِنْ طَرِيقِ الْإِنْصَافِ أَنْ يَذْكُرَ ابْنُ الْقَطَّانِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بِهَا عِلْمٌ فَيُعْذَرُ، وَنَقَلَ الْقَاضِي ابْنُ زَرْبٍ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ، وَكَتَبَ بِالْمَسْأَلَةِ ابْنُ سَهْلٍ إلَى أَحْمَدَ بْنِ رَشِيقٍ فَقِيهِ الْمِرْيَةِ، فَأَفْتَى بِأَنْ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ، إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تُهْمَةٌ فِي إقْرَارِ الْمُقِرِّ وَلَا صَحَّتْ عَلَيْهِ رِيبَةٌ.
مَسْأَلَةٌ وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ أَوْصَى فِي مَرَضِهِ، أَنَّ لِفُلَانٍ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، وَأَوْصَى مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِيمَا قَالَ، فَادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِينَارًا، قَالَ أَرَى أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ خَمْسِينَ، وَبِهَذِهِ مِثْلُهَا اسْتَدَلَّ ابْنُ عَتَّابٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
مَسْأَلَةٌ وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَوْصَى فَقَالَ قَدْ كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ مُعَامَلَةٌ، فَمَا ادَّعَى مِنْ شَيْءٍ فَأَعْطَوْهُ وَهُوَ فِيهِ مُصَدَّقٌ، فَقَالَ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مُعَامَلَةَ مِثْلِهِ لِمِثْلِهِ أُعْطِيه، وَأَحْسِبُهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ سَوَاءً. قَالَ: وَإِنْ ادَّعَى مَالًا يُشْبِهُ بَطَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَا فِي الثُّلُثِ، قَالَ أَصْبَغُ يُرِيدُ إنَّمَا تَبْطُلُ الزِّيَادَةُ عَلَى