الْآمِرُ وَلَمْ يَكُنْ الدَّافِعُ مَعْرُوفًا، وَلَا عَرَفَتْ الْبَيِّنَةُ إلَّا أَنَّهُ مَحْدُودٌ فِي كِتَابِ الشِّرَاءِ، فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكِتَابِ إبْرَارُ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَيَنْظُرُ فِيهِ مِنْ ابْنِ سَهْلٍ.
مَسْأَلَةٌ وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَ الْإِشْهَادِ، فَفِي الطُّرَرِ أَنَّ إقْرَارَهُ وَإِشْهَادَهُ وَعَدَمَ إشْهَادِهِ سَوَاءٌ، وَهُوَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ.
وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ ذَلِكَ لَهَا وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ لَهَا بِذَلِكَ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْيَمِينِ، وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ كَانَ يُفْتِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا، إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا مَا تَجِبُ بِهِ عَلَيْهَا الْيَمِينُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ فِي صِحَّتِهِ حِينَ الْإِشْهَادِ، وَأَمَّا إنْ أَشْهَدَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْإِشْهَادُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَأَفْتَى ابْنُ زَرْبٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِيِّهَا فَإِنَّهَا تَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِيِّهِ أَوْ مِنْ زِيِّهِمَا فَلَا تَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهَا.
وَأَفْتَى ابْنُ وَضَّاحٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ عَامِلٌ إلَّا فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَمَا كَانَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ زِيِّهِ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ فَهُوَ مَوْرُوثٌ، إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ، وَيُعَايِنَ الشُّهُودُ ذَلِكَ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الطُّرَرِ، إذَا حَضَرَتْ الرَّجُلَ الْوَفَاةُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ عَرِيضٌ، فَذَكَرَ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ مِنْ مَالِهَا، فَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ صُدِّقَ وَإِنْ كَانَ يُتَّهَمُ عَلَى ذَلِكَ نُظِرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَصِيَّةٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ وَصِيَّتَهُ لَا تَجُوزُ جَعَلَهَا إقْرَارًا.
مَسْأَلَةٌ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ فِي رَجُلٍ تَرَدَّدَ عَلَى الْقَاضِي مُشْتَكِيًا بِرَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ حِينًا، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ يَدَّعِي عَلَى الْمُشْتَكِي بِالرَّجُلَيْنِ دَعْوَى، فَسَأَلَهُ الْقَاضِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ، فَسَمَّى الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ اشْتَكَى بِهِمَا الْمَطْلُوبُ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: هَلْ لَك غَيْرُهُمَا؟ فَقَالَ لَا فَاسْتَرَابَ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ وَسَأَلَ الْفُقَهَاءَ فَأَجَابُوهُ بِأَنَّ التَّثْبِيتَ فِي الشُّهُودِ مِنْ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ وَأَحَقِّهَا، لِمَا ظَهَرَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَاَلَّذِي اسْتَرَابَ الْقَاضِي مِنْهُ مَحَلُّ رِيبَةٍ إلَّا فِي الْعُدُولِ الْمُبَرَّزِينَ فِي الْعَدَالَةِ الْمَعْرُوفِينَ بِالْفَضْلِ وَالْخَيْرِ وَاسْتِقَامَةِ الطَّرِيقَةِ عَلَى طُولِ الْأَيَّامِ، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ شَهَادَةَ مِثْلِ هَؤُلَاءِ لَا يُسْقِطُهَا إلَّا التَّجْرِيحُ بِالْعَدَاوَةِ اُنْظُرْ أَحْكَامَ ابْنِ سَهْلٍ.