وقد يكتنف الشيء معان فيشتقّ لكل معنى منها اسم من اسم ذلك الشيء، كاشتقاقهم من البطن للخميص: مبطّن وللعظيم البطن إذا كان خلقة: بطين فإذا كان من كثرة الأكل قيل مبطان وللمنهوم: بطن وللعليل البطن: مبطون.

ويقولون: وجدت الضّالة ووجدت في الغضب، ووجدت في الحزن، ووجدت في الاستغناء. ثم يجعلون الاسم الضّالة: وجودا ووجدانا وفي الحزن وجدا وفي الغضب موجدة وفي الاستغناء وجدا.

في أشياء كثيرة، ليس لاستقصاء ذكرها في كتابنا هذا، وجه.

وللعرب الشّعر الذي أقامه الله تعالى لها مقام الكتاب لغيرها، وجعله لعلومها مستودعا، ولآدابها حافظا، ولأنسابها مقيّدا، ولأخبارها ديوانا لا يرثّ على الدّهر، ولا يبيد على مرّ الزّمان.

وحرسه بالوزن، والقوافي، وحسن النّظم، وجودة التخيير- من التدليس والتّغيير، فمن أراد أن يحدث فيه شيئا عسر ذلك عليه، ولم يخف له كما يخفى في الكلام المنثور.

وقد تجد الشاعر منهم ربما زال عن سننهم شيئا، فيقولون له: ساندت، وأقويت، وأكفأت، وأوطأت.

وإنما خالف في السّناد بين ردفين، أو حرفين قبل ردفين، كقول عمرو بن كلثوم (?) :

ألا هبّي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا

وقال في بيت آخر (?) :

كأن متونهنّ متون غدر ... تصفّقها الرياح إذا جرينا

فالحاء من فأصبحينا (ردف) وهي مكسورة، والراء من جرينا (ردف) وهي مفتوحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015