وعلى هذا سائر الحروف.
ومن ذهب إلى هذا المذهب فلا أراه أراد أيضا إلا القسم بصفات الله، فجمع بالحروف المقطعة معاني كثيرة من صفاته، لا إله إلا هو.
وروي أن بعض السلف وأحسبه عليا رحمة الله عليه، قال: الرّحم هو من الرّحمن.
وقد كان (قوم من المفسرين) يفسرون بعض هذه الحروف فيقولون: (طه) يا رجل، و (يس) يا إنسان، و (نون) الدّواة.
وقال (آخر) : (الحوت) و (حم) : قضي والله ما هو كائن، و (قاف) : جبل محيط بالأرض.
و (صاد) - بكسر الدال- من المصاداة وهي المعارضة.
وهذا ما لا نعرض فيه، لأنا لا ندري كيف هو ولا من أي شيء أخذ خلا (صاد) وما ذهب إليه فيها.
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ [سبأ: 20، 21] .
تأويله: أن إبليس لما سأل الله تبارك وتعالى النّظرة فأنظره قال: لأغوينّهم ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق الله ولأتّخذنّ منهم نصيبا مفروضا وليس هو في وقت هذه المقالة مستيقنا أنّ ما قدّره الله فيهم يتمّ، وإنما قاله ظانا، فلما اتبعوه وأطاعوه، صدق ما ظنّه عليهم أي فيهم، ثم قال الله: وما كان تسليطنا إيّاه إلا لنعلم من يؤمن، أي المؤمنين من الشاكين.
وهذا علم لا تجب به حجة ولا تقع عليه مثوبة ولا عقوبة.