ينكرك ويكفرك: ألم أبوّئك منزلا وأنت طريد؟ أفتنكر هذا؟ و: ألم أحملك وأنت راجل؟ ألم أحج بك وأنت صرورة؟ أفتنكر هذا؟.

ومثل ذلك تكرار فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 15، 17، 22، 32، 40، 51] في سورة (اقتربت الساعة) أي: هل من معتبر ومتّعظ؟.

وأما تكرار المعنى بلفظين مختلفين، فلإشباع المعنى والاتساع في الألفاظ.

وذلك كقول القائل: آمرك بالوفاء، وأنهاك عن الغدر. والأمر بالوفاء هو النّهي عن الغدر. و: آمركم بالتّواصل، وأنهاكم عن التّقاطع. والأمر بالتواصل هو النهي عن التّقاطع.

وكقوله سبحانه: فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) [الرحمن: 68] . والنخل والرّمان من الفاكهة، فأفردهما عن الجملة التي أدخلهما فيها، لفضلهما وحسن موقعهما.

وقوله سبحانه: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة: 238] وهي منها، فأفردها بالذّكر ترغيبا فيها، وتشديدا لأمرها، كما تقول: إيتني كل يوم، ويوم الجمعة خاصّة.

وقال سبحانه: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ [الزخرف: 80] والنّجوى هو السر. وقد يجوز أن يكون أراد بالسرّ: ما أسرّوه في أنفسهم، وبالنّجوى: ما تسارّوا به.

وقال ذو الرّمة «1» :

لمياء في شفتيها حوّة لعس ... وفي اللّثات وفي أنيابها شنب

واللّعس هو: حوّة، فكرّر لما اختلف اللفظان.

ويمكن أن يكون لما ذكر الحوّة، خشي أن يتوهّم السامع سوادا قبيحا، فبيّن أنه لعس، واللعس يستحسن في الشّفاه.

وأمّا الزيادة في التوكيد فكقوله سبحانه: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [آل عمران: 167] لأن الرجل قد يقول بالمجاز: كلمت فلانا، وإنما كان ذلك كتابا أو إشارة على لسان غيره، فأعلمنا أنهم يقولون بألسنتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015