وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} 1 فأعلمنا أَنَّ السَّوَاحِرَ، يَنْفُثْنَ فِي عُقَدٍ يَعْقِدْنَهَا كَمَا يَتْفُلُ الرَّاقِي وَالْمُعَوِّذُ.
وَكَانَتْ قُرَيْشٌ، تُسَمِّي السِّحْرَ الْعَضْهَ2.
وَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَاضِهَةَ وَالْمُسْتَعْضِهَةَ.
يَعْنِي بِالْعَاضِهَةِ: السَّاحِرَةَ، وَبِالْمُسْتَعْضِهَةِ: الَّتِي تَسْأَلُهَا أَنْ تَسْحَرَ لَهَا، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أعوذ بربي من النافثا ... ت فِي عَقْدِ الْعَاضِهِ الْمُعْضِهِ
يَعْنِي: السواحر. وَقد روى بن نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَهَذَا طَرِيقٌ مَرْضِيُّ صَحِيحٌ أَنَّهُ قَالَ -حِينَ سُحِرَ3-: "جَاءَنِي رَجُلَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلِي، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ 4 فَقَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمَشَّاطَةٍ، وَجُفِّ 5 طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ".
وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَجْتَرُّ6 النَّاسُ بِهِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ نَفْعًا، وَلَا يَصْرِفُونَ عَنْهَا ضُرًّا، وَلَا يُكْسِبُونَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَنَاءً وَمَدْحًا، وَلَا حَمَلَةُ هَذَا الْحَدِيثِ كَذَا بَين، وَلَا مُتَّهَمِينَ، وَلَا مُعَادِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ لَبِيدُ بن الأعصم -هَذَا الْيَهُودِيّ- سحر