قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ

34- حَدُّ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ" 1.

وَرُوِّيتُمْ أَنَّهُ قَالَ: "لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ" 2.

هَذَا، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حُجَّةٌ لِلْخَوَارِجِ، لِأَنَّهَا تَقُولُ: إِنَّ الْقَطْعَ عَلَى السَّارِقِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، لَمَّا أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} 3 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ" عَلَى ظَاهِرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ الْقَطْعَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَهُ.

وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

وَلَا كَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ جُمْلَةً، بَلْ يُنَزِّلُهُ شَيْئًا بعد شَيْء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015