الفائدة الثانية في الآية: أن الله جل وعلا قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61] ومعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن له بعد هجرته ابن من صلبه، أي: ليس ابن ذكر من صلبه، ومع ذلك قدم الحسن والحسين.
فاستدل بها فريق من العلماء على أن أولاد البنات في منزلة أولاد الأبناء.
ومثال ذلك لو أن رجلا اسمه محمد، وله بنت اسمها سلمى، وله ولد اسمه خالد، فأولاد خالد أولاده باتفاق الناس، لم يخالف في هذا أحد، لكن الخلاف في أولاد البنت، هل يعتبرون أبناء أو لا يعتبرون؟ إن المسألة خلافية، إلا أن من أدلة القائلين بأن أولاد البنت يعتبرون أبناء هذه الآية، فإن الله قال: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران:61] والنبي صلى الله عليه وسلم دعا الحسن والحسين، وقال في حديث آخر: (إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين دعواهما واحدة) يقصد الحسن رضي الله عنه وأرضاه.
وهذه المسألة بالنسبة لطالب العلم تظهر في الميراث وتظهر في الوقف، فمن يقول: إن ابن البنت ابن يعتبر الجد كالأب، وعندما يوقف الإنسان حديقة أو مزرعة أو بيتا فيقول: هذه لأبنائي وأبناء أبنائي ولا يحدد؛ فإنه بمقتضى الآية يدخل في ذلك أولاد الأبناء وأولاد البنات، وهذه مسائل تنظر في المحاكم، ولكن أردت أن أبين كيف يستنبط طالب العلم الأدلة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.