قال الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل:126].
يفرع العلماء على هذه الآية مسألة الظفر، ومثالها في الصورة الآتية: أخذت من رجل بطاقته العائلية واكتتبت بها في البنك أو في شركة ما، ودفعت الأموال رجاء أن تقتسما الربح بعقد شفهي بينك وبينه، ولا يوجد بينكما شيء محرر، ثم لما علا السهم كان هو الذي يملك البيع؛ لأنه هو الذي بيده البطاقة، فقال: ما لك عندي شيء، لا ربح ولا رأس مال.
وأنت لا تستطيع أن تثبت عليه شيئاً، فأخذ مالك، فلو قدر أن هذا الرجل ذات يوم لأمر ما وقع في يدك ماله، فهل لك أن تأخذه منه أو لا؟ قال بعض العلماء -ومنهم ابن سيرين والنخعي -: إنه يجوز؛ لأن هذا ظاهر النصوص، واحتجوا بهذه الآية، وبقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:40].
ومنعه مالك رحمه الله، وقال: إنه لا يجوز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك).
ونحن نقول -والله أعلم-: إن هذا فيه تفصيل: فإن كان وصل إليك المال من غير طريقه -أي: ليس هو الذي ائتمنك عليه، وإنما استطعت أن تصل إليه بطريقتك الخاصة- جاز لك أن تأخذ بمقدار حقك، أما إذا نسي هو الموضوع، وائتمنك على المال ونسي الأمر الأول؛ فلا يحسن بك أن تخونه في مثل هذه الحال.